الفصل الأوّل
في أنّ كلّ مفهوم إمّا واجب وإمّا ممكن وإمّا ممتنع
كلّ مفهوم فرضناه ثمّ نَسَبْنا إليه الوجود ، فإمّا أن يكون الوجود ضروريُّ الثبوت له وهو الوجوب ، أو يكون ضروريُّ الإنتفاء عنه ـ وذاك كون العدم ضروريّاً له ـ وهو الإمتناع ، أو لا يكون الوجود ضروريّاً له ولا العدم ضروريّاً له وهو الإمكان.
وأمّا احتمال كون الوجود والعدم معاً ضروريَّيْن له فمندفع بأدنى إلتفات (١).
فكلّ مفهوم مفروض إمّا واجب وإمّا ممتنع وإمّا ممكن.
وهذه قضيّة منفصلة حقيقيّة مقتنصة من تقسيمَيْن دائرَيْن بين النفي والإثبات بأن يقال : «كلُّ مفهوم مفروض فإمّا أن يكون الوجود ضروريّاً له أو لا.
وعلى الثاني فإمّا أن يكون العدم ضروريّاً له أو لا.
الأوّل هو الواجب ، والثاني هو الممتنع ، والثالث هو الممكن».
والذي يعطيه التقسيم من تعريف الموادّ الثلاث أنّ وجوبَ الشيء كونُ وجودِهِ ضروريّاً له ، وإمتناعَه كونُ عدمِهِ ضروريّاً له ، وإمكانَه سلبُ الضرورتَيْن بالنسبة إليه؛ فالواجب ما يجب وجوده ، والممتنع ما يجب عدمه ، والممكن ما ليس
__________________
(١) للزوم اجتماع النقيضين.