في الخارج بوجود مستقلٍّ منحاز كما قال به آخرون (١).
أمّا أنّه موجود في الأعيان بوجود موضوعه فلأنّه قسيمٌ في التقسيم للواجب الذي ضرورة وجوده في الأعيان ، فارتفاع الضرورة الذي هو الإمكان هو في الأعيان.
وإذ كان موضوعاً في التقسيم المقتضي لاتّصاف المقسم بكلِّ واحد من الأقسام كان في معنى وصف ثبوتيٍّ يتّصف به موضوعه ، فهو معنى عدميٌّ له حظٌّ من الوجود والماهيّة متّصفة به في الأعيان.
وإذ كانت متّصفةً به في الأعيان فله وجودٌ فيها على حدّ الأعدام المضافة التي هي أوصاف عدميّةٌ ناعتةٌ لموصوفاتها موجودةٌ بوجودها ، والآثار المترتّبة عليه في الحقيقة هي ارتفاع آثار الوجوب من صرافة الوجود وبساطة الذات والغنى عن الغير وغير ذلك.
وقد اتّضح بهذا البيان فساد قول من قال (٢) : «إنّ الإمكان من الإعتبارات العقليّة المحضة التي لا صورة لها في خارج ولا ذهن».
وذلك لظهور أنّ ضرورةَ وجود الموجود أمرٌ وعاؤه الخارج وله آثار خارجيّةٌ وجوديّةٌ.
وكذا قول من قال (٣) : «إنّ للإمكان وجوداً في الخارج منحازاً مستقلا».
وذلك لظهور أنّه معنى عدميٌّ واحدٌ مشتركٌ بين الماهيّات ثابتٌ بثبوتها في أنفسها ، وهو سلب الضرورتَيْن ، ولا معنى لوجود الأعدام بوجود منحاز مستقلّ.
على أنّه لو كان موجوداً في الأعيان بوجود منحاز مستقلٍّ كان إمّا واجباً بالذّات وهو ضروريٌّ البطلان؛ وإمّا ممكناً وهو خارجٌ عن ثبوت الماهيّة ، لا يكفي فيه ثبوتها في نفسها ، فكان بالغير ، وسيجيء استحالة الإمكان بالغير (٤).
__________________
فراجع كشف المراد ص ٤٩ ـ ٥١ ، وشرح التجريد للقوشجيّ ص ٣٣ ـ ٣٥ ، والمسألة العشرين من الفصل الأوّل من شوارق الإلهام.
(١) وهم الحكماء المشاؤون من أتباع المعلّم الأوّل ، راجع الأسفار ج ١ ص ١٣٩.
(٢) والقائل هو الشيخ الإشراقيّ والمحقّق الطوسيّ.
(٣) والقائل هم الحكماء المشاؤون من أتباع المعلّم الأوّل كما مرّ.
(٤) راجع الفصل الآتي.