معنى عقليٌّ اعتباريٌّ غير الوجود الواجبيّ الذي هو حقيقة عينيّة خاصةٌ بالواجب ، وإمّا طبيعة كلّيّةٌ مشتركة متواطئة متساويةُ المصاديق ، فالوجود العينيّ حقيقة مشكّكة مختلفةُ المراتب ، أعلى مراتبها الوجود الخاص بالواجب بالذات.
وأيضاً التجرّد عن الماهيّة ليس وصفاً عدميّاً ، بل هو في معنى نَفيِ الحدّ الذي هو من سلب السلب الراجع إلى الايجاب.
وقد تبيّن أيضاً أنّ ضرورةَ الوجود للواجب بالذات ضرورةٌ أزليّةٌ ، لا ذاتيّةٌ ولا وصفيّةٌ ، فإنّ من الضرورة ما هي أزليّةٌ ، وهي ضرورةُ ثبوت المحمول للموضوع بذاته من دون أيّ قيد وشرط كقولنا : «الواجب موجود بالضّرورة».
ومنها ضرورةٌ ذاتيّةٌ ، وهي ضرورة ثبوت المحمول لذات الموضوع مع الوجود لا بالوجود ، سواءٌ كانت ذاتُ الموضوع علّةً للمحمول ، كقولنا : «كلّ مثلّث فإنّ زواياه الثلاث مساويةٌ لقائمتَيْن بالضرورة» ، فإنّ ماهيّة المثلّث علّةٌ للمساواة إذا كانت موجودةً؛ أو لم تكن ذاتُ الموضوع علَّهً لثبوت المحمول ، كقولنا : «كلّ إنسان إنسانٌ بالضرورة أو حيوان أو ناطق بالضرورة» ، فإنّ ضرورة ثبوت الشيء لنفسه بمعنى عدم الانفكاك حالَ الوجود من دون أن تكون الذّات علّةً لنفسه.
ومنها ضرورةٌ وصفيّةٌ ، وهي ضرورة ثبوت المحمول للموضوع بوصفه مع الوجود لا بالوجود ، كقولنا : «كلّ كاتب متحرّكُ الأصابع بالضرورة مادام كاتباً» ، وقد تقدّمت إشارة إليها» (١).
الفصل الرابع
في أنّ واجب الوجود بالذّات واجب الوجود
من جميع الجهات
واجب الوجود بالذات واجب الوجود من جميع الجهات (٢).
__________________
(١) راجع الفصل الأوّل من المرحلة الرابعة.
(٢) قال الرازيّ في شرح عيون الحكمة ج ٣ ص ١١٥ : «معناه أنّه ممتنع التغيّر في صفة