الفصل الثامن
في بعض أحكام الممتنع بالذات
لمّا كان الامتناع بالذات هو ضرورةُ العدم بالنظر إلى ذات الشيء المفروضة ، كان مقابلا للوجوب بالذات الذي هو ضرورةُ الوجود بالنظر إلى ذات الشيء العينيّة؛ يجري فيه من الأحكام ما يقابل أحكام الوجوب الذاتي.
قال في الأسفار ـ بعد كلام له في أنّ العقل كما لا يقدر أن يتعقّل حقيقة الواجب بالذات لغاية مَجْدِهِ وعدمِ تناهي عظمتِهِ وكبريائِهِ ، كذلك لا يقدر أن يتصوّر الممتنع بالذات بما هو ممتنع بالذات لغاية نقصِهِ ومحوضةِ بطلانه ولا شيئيّتِهِ ـ : «وكما تحقّق أنّ الواجب بالذات لا يكون واجباً بغيره ، فكذلك الممتنع بالذات لا يكون ممتنعاً بغيره بمثل ذلك البيان ، وكما لا يكون لشيء واحد وجوبان بذاته وبغيره ، أو بذاته فقط ، أو بغيره فقط ، فلا يكون لأمر واحد امتناعان كذلك.
فإذن قد استبان أنّ الموصوف بما بالغير من الوجوب والامتناع ممكنٌ بالذات.
وما يستلزم الممتنع بالذات فهو ممتنعٌ لا محالة من جهة بها يستلزم الممتنع ، وإن كانت له جهةٌ اُخرى إمكانيّةٌ ، لكن ليس الإستلزام للممتنع إلاّ من الجهة الإمتناعيّة؛ مثلا كون الجسم غير متناهي الأبعاد يستلزم ممتنعاً بالذات ، هو كونُ المحصور غير محصور ، الذي مرجعه إلى كون الشيء غير نفسه مع أنّه عينُ نفسه ، فأحدهما محالٌ بالذات والآخر محالٌ بالغير ، فلا محالة يكون ممكناً باعتبار غير اعتبار علاقته مع الممتنع بالذات ، على قياس ما علمت في استلزام الشيء للواجب بالذات ، فإنّه ليس من جهة ماهيّته الإمكانيّة بل من جهة وجوب وجوده الإمكانيّ.
وبالجملة فكما أنّ الاستلزام في الوجود بين الشيئين لابدَّ له من علاقة علّية ومعلوليّة بين المتلازمين ، فكذلك الاستلزام في العدم والامتناع بين شيئين لا ينفكّ عن تعلّق إرتباطيٍّ بينهما.
وكما أنّ الواجبين لو فرضنا لم يكونا متلازمين بل متصاحبين بحسب البخت