الفصل الأوّل
في أنّ الماهيّة في حدّ ذاتها لا موجودة ولا لا موجودة
الماهيّةُ (١) ، وهي : «ما يقال في جواب ما هو؟» ، لَمّا كانت ـ من حيث هي وبالنّظر إلى ذاتها في حدّ ذاتها ـ لا تأبى أن تتّصف بأنّها موجودةٌ أو معدومةٌ ، كانت في حدّ ذاتها لا موجودة ولا لا موجودة ، بمعنى أنّ الموجود واللاموجود ليس شيءٌ منهما مأخوذاً في حدّ ذاتها بأن يكون عينَها أو جزءَها ، وإن كانت لا تخلو عن الاتّصاف بأحدهما في نفس الأمر بنحو الاتّصاف بصفة خارجة عن الذّات. وبعبارة اُخرى : الماهية بحسب الحمل الأوّليّ ليست بموجودة ولا لا موجودة ، وإن كانت بحسب الحمل الشائع إمّا موجودة وإمّا لا موجودة. وهذا هو المراد بقولهم : «إنّ إرتفاع الوجود والعدم عن الماهيّة من حيث هي من إرتفاع النقيضين عن المرتبة ، وليس ذلك بمستحيل ، وإنمّا المستحيل ارتفاعهما عن الواقع مطلقاً وبجميع مراتبه» (٢). يعنُون به أنّ نقيض الوجود المأخوذ في حدّ الذات ليس
__________________
(١) الماهيّة مشتقّة عمّا هو ، والياء فيها للنسبة أي المنسوبة إلى ما هو.
(٢) راجع الأسفار ج ٢ ص ٤ ـ ٥ ، والقبسات ص ٢١ ـ ٢٢. وقال الحكيم السبزواريّ في شرح المنظومة ص ٩٣ : «وارتفاع النقيضين عن المرتبة جائز ، لأنّ معناه أنّ كلّ واحد منهما ليس عيناً للماهية ولا جزءاً منها ، وإن لم يخلُ عن احدهما في الواقع».