أعلاها خادم وأوسطها ثلاثة أثواب : درع وخمار [وجلباب] (١) وإزار ، ودون ذلك النفقة ، ثم دون ذلك الكسوة ، شيء من الورق ، وهذا مذهب الشافعي قال : أعلاها خادم على الموسع ، وأوسطها ثوب ، وأقلّها أقلّ ماله ثمن. قال الحسن : ثلاثون درهما ، وكان شريح يمتّع بخمسمائة درهم ، ومتّع عبد الرحمن بن عوف أم أبي سلمة حين طلّقها جارية سوداء ، ومتّع الحسن بن علي رضياللهعنه امرأة له بعشرة آلاف درهم ، فقالت : متاع قليل من حبيب مفارق.
قال أبو حنيفة : متاعها إذا اختلف الزوج والمرأة فيها قدر نصف مهر مثلها ولا تجاوز ذلك ، والصحيح أن الواجب من ذلك على قدر عسر الرجل ويسره كما قال تعالى ، ولو كان المعتبر فيه المهر لكان يقول : ومتعوهنّ على قدرهنّ وقدر صداق مثلهنّ ، فلمّا قال (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ) دلّ على أنّ المعتبر فيه حال الرجل لا حال المرأة ، وروى ابن أبي زائدة عن صبيح بن صالح قال : سئل عامر : بكم يمتّع الرجل امرأته؟ قال : على قدر ماله.
تفصيل حكم الآية
من تزوّج امرأة على غير مهر مسمّى فالنكاح جائز ، فإن طلبت الفرض أمرناه أن يفرض لها ، وإن لم يفرض لها ودخل بها فلها مهر مثلها ، فإن طلقها قبل الدخول فلها المتعة ولا مهر لها ، وإن مات عنها بعد الدخول فلها مهر مثلها ، وإن مات عنها قبل الدخول والتسمية ففيها قولان :
أحدهما : لها مهر مثلها ، وهو مذهب أهل العراق ، والدليل عليه
حديث بروع بنت واسق الأشجعية حين توفي عنها زوجها ولم يفرض لها ولا دخل بها فقضى رسول الله صلىاللهعليهوسلم بمهر [نسائها] لا وكس ولا شطط ، وعليها العدة ، ولها الميراث (٢).
والقول الثاني :
أنّ لها الميراث وعليها العدة ولا مهر لها ، بل لها المتعة كما لو طلّقها قبل الدخول والتسمية ، وهو قول علي ، وكان يقول في حديث بروع : لا يقبل قول أعرابي من أشجع على كتاب الله وسنّة رسوله.
(وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَ) الآية هنا في الرجل يتزوج المرأة ، وقد سمّى لها صداقا ، ثم يطلقها قبل أن يمسّها فلها نصف الصداق ، وليس لها أكثر من ذلك ، ولا عدة عليها ، وإن لم يدخل بها حتّى توفي فلا خلاف أنّ لها المهر كاملا والميراث ، وعليها العدة ، والمسّ هاهنا الجماع.
__________________
(١) تفسير الطبري : ٢ / ٨١٩ ، وأحكام القرآن للجصاص : ١ / ٥٢٦.
(٢) مسند أحمد : ٤ / ٢٨٠.