(وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ) قرأ أبو جعفر وشيبة ونافع ويعقوب وأيوب (دفاع الله) بالألف هاهنا وفي سورة الحجّ واختاره أبو حاتم ، وقرأ الآخرون بغير ألف فيهما وأختاره أبو عبيد قال : لأنّ الله تعالى لا يغالبه
أحد وهو الدافع وحده ، وقال أبو حاتم : وقد يكون الفعال من واحد مثل قول العرب : أحسن الله عنك الدفاع ، وعافاك الله ، وعاقبه الله ، وناول شيئا.
ابن عباس ومجاهد : لو لا دفع الله بجنود المسلمين وسراياهم ومرابطيهم لغلب المشركون على الأرض فقتلوا المؤمنين وخرّبوا البلاد والمساجد.
وقال سائر المفسّرين : لولا دفع الله بالمؤمنين والأبرار عن الكفّار والفجّار (لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ) لهلكت بمن فيها.
قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «يدفع الله العذاب بمن يصلّي ، عمّن لا يصلّي ، وبمن يزكّي عمّن لا يزكّي ، وبمن يصوم عمّن لا يصوم ، وبمن يحجّ عمّن لا يحج ، وبمن يجاهد عمّن لا يجاهد.
ولو اجتمعوا على ترك هذه الأشياء ما ناظرهم الله طرفة عين». ثم تلا رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذه الآية [١٨٢] (١).
وروى مالك بن عبيد عن أبيه عن جدّه إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «لولا عباد لله ركع وصبية رضّع ، وبهائم رتّع ، لصبّ عليكم العذاب صبّا ثم لترضن رضا» (٢).
قال الثعلبي وأنشدني لنفسه :
لولا عباد للاله ركع |
|
وصبية من اليتامى رضّع |
ومهملات في الفلاة رتّع |
|
صبّ عليكم العذاب الأوجع (٣) |
وروى محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله سبحانه ليصلح بصلاح الرجل (٤) ولده وولده ولده وأهل دويرته ودويرات حوله ولا يزالون في حفظ الله ما دام فيهم» [١٨٣] (٥).
وقال قتادة : يبتلي الله المؤمن بالكافر ويعافي الكافر بالمؤمن. [...] (٦)
بن عبد الرحمن عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «إنّ الله ليدفع بالمسلم
__________________
(١) تفسير القرطبي : ٣ / ٢٦٠.
(٢) السنن الكبرى : ٣ / ٣٤٥ ، والمعجم الكبير : ٢٢ / ٣١٠ ، وفيه : ثمّ رضّ رضا ، وفي الآحاد والمثاني للضحّاك (٢ / ٢١٠) : ثمّ رصّ رصا ، بالصاد.
(٣) تفسير القرطبي : ٣ / ٢٦٠.
(٤) في المصدر : المسلم.
(٥) جامع البيان : ٢ / ٨٥٥.
(٦) غير مقروءة في المخطوط.