قالت بنو عمرو [بن عمير لبني المغيرة :] بل نتوب إلى الله فإنّه ليس لنا يدان بحرب الله وحرب رسوله فرضوا برأس المال وسلّموا لأمر الله فشكى بنو المغيرة العسرة وقالوا : أخرونا إلى أن ندرك الغلات ، فأبوا أن يؤخروا فأنزل الله : (وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ) رفع الكلام باسم كان ولم يأت لها بخبر وذلك جائز في النكرة.
يقول العرب : إنّ كان رجل صالح فأكرمه ، وقيل : كان لمعنى وقع الحدث وحينئذ لا يحتاج إلى الخبر.
وقرأ أبي وابن مسعود وابن عباس : إنّ كان ذا عسرة على إضمار الإسم وان الغريم أو المطلوب ذا عسرة. وقرأ آبان بن عثمان : ومن كان ذا عسرة لهذه الغلّة. وقرأ الأعمش : وإن كان معسر وهو دليل قراءة العامّة.
والعسرة : الفقر والضيق والشدّة. وقرأ أبو جعفر : عسُرة بضم السين ، وهما لغتان.
(فَنَظِرَةٌ) أمر في صيغة الخبر ، والفاء فيه لجواب الشرط تقديره : فعليه نظرة ، أي قال : واجب نظره بالنصب على معنى فلينظر نظرة لكان صوابا كقوله (فَضَرْبَ الرِّقابِ) ، والنظرة : الإنظار.
وقرأ أبو رجاء والحسن وقتادة : فناظرة بكسر الضاد ورفع الراء والهاء أي منتظرة. وقرأ عطاء بن أبي رباح : فنظْرة ساكنة الظاء وهي مصدر يجوز أن يكون من النظر والانتظار جميعا.
(إِلى مَيْسَرَةٍ) قرأ عطاء وشيبة ونافع وحميد بن محيص : مَيْسُرَةٍ بضم السين والتنوين.
وقرأ عمر وعلي وأبو رجاء والحسن وقتادة وعبد الله بن مسلم وأبو جعفر وأبن كثير وابن عامر وعاصم والأعمش وحمزة والكسائي وخلف وأبو عمرو ويعقوب وأيوب : (مَيْسَرَةٍ) بالتنوين وفتح السين وهي اختيار أبي عبيد وأبي حاتم لأنّها اللغة السائرة. وقرأ مجاهد وأبو سراح الهذلي : (ميسُره) بضم السين مضافا هو مثله روى زيد عن يعقوب ، وروى الأعمش عن عاصم عن زرّ عن عبد الله أنّه كان يقرأها : فناظروه إلى ميسورة ، وكلّها لغات معناها اليسار والغنى والسعة.
(وَأَنْ تَصَدَّقُوا) رؤوس أموالكم على المعسر فلا تطالبونه بها (خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) وقرأ عاصم : (تَصَدَّقُوا) بتخفيف الصاد. الباقون بتشديده.
ذكر حكم الآية
أمر الله تعالى بانظار المعسر فمتى ما أعسر الرجل وتبيّن إعساره ، فلا سبيل لرب المال إلى مطالبته بماله إلى أن يظهر يساره ، فإذا ظهر يساره كان عليه توفير الحق إلى ربّ المال وعلم أنّ الحقوق [تخلف] وكلّ حق لزم الإنسان عوضا عن مال حصل في يده مثل قرض أو ابتياع