(فَاتِّباعٌ) أي فعليه اتباع.
(بِالْمَعْرُوفِ وَأَداءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسانٍ) أمر الطالب أن يطلب بالمعروف ويتبع حق الواجب له عليه من غير أن يطالبه بالزّيادة أو يكلفه ما لم يوجبه الله له أو يشدد عليه كما قال النبيّ صلىاللهعليهوسلم : «من زاد بعيرا في إبل الدّيات وفرائضها فمن أمر الجاهلية» [٣٠] (١).
حكم الآية
أعلم إنّ أنواع القتل ثلاثة العمد ، وشبه العمد ، والخطأ : فالعمد : أن يقصد ضربه ، بما أنّ الأغلب إنّه يموت منه مثل الحديدة والخشبة العظيمة والحجر الكبير ونحوها أو حرقه أو غرفه أو الشّدة من حبل أو سطح أو في بئر وما يشبه ذلك مما يتعمّد قلبه. ففي هذا القصاص أو الدّية.
فدية المسلم ألف دينار ومن الورق اثنا عشر ألف درهم ومن الإبل مائة منها أربعون خلفه في بطونها أولادها. وثلاثون حقّه ، وثلاثون جذعه ، الأصل في الرّجل الإبل أو ديات النّساء على النصف من ذلك.
وأما شبه العمد : فهو أن يقصد ضربه. بما الأغلب إنّه لا يموت منه مثل : حصى صغير أو عود صغير أو لطمه أو وكزه أو بكسره أو صفعة أو ضربة بالسّيف عمدا أو ما أشبه ذلك فمات منه ، فهاهنا يجب الدّية مغلّظة على العاقلة ، كما وصفنا في دية العمد.
وأمّا الخطأ : فهو أن يقصد شيئا فيخطئ ويصوّب غيره. كالرّجل يرمي الهدف أو الصّيد فيخطئ السهم فيقع بإنسان فيقتله فهو الخطأ المحض وفيه الدّية المخفّفة على العاقلة في ثلاث ستين أخماسا : عشرون بنات مخاض وعشرون بنات لبون وعشرون ابنا لبون ، وعشرون خناق ، وعشرون جذعا ، ولا يتعين الورق والذّهب ، كما تنقص الإبل الذي ذكرت من العفو والديّة.
(تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ) وذلك إنّ الله تعالى كتب على أهل التوراة في النّفس والجرح أن يقيدوا ولا يأخذوا الدّية ولا يعفوا وعلى أهل الإنجيل أن يعفوا ولا يقيدوا ولا يأخذوا الدّية.
فخير الله تعالى هذه الأمة بين القصاص والدّية والعفو.
كما روى سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي شريح : إنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ثمّ أنتم يا خزاعة قد قتلتم هذا القتيل من هذيل ، وأنا والله عاقله فمن قتل قتيلا بعده فأهله بين خيرتين : إن أحبّوا قتلوا وإن أحبّوا أخذوا العقل» [٣١].
(فَمَنِ اعْتَدى) ظلم وتجاوز الحد.
(بَعْدَ ذلِكَ) فقيل بعد أخذ الدّية ، وقال الحسن : كان الرّجل في الجاهليّة إذا قتل قتيلا فرّ
__________________
(١) جامع البيان للطبري : ٢ / ١٥٠.