عليه المضي فيه وإتمامه ، فإن لم يكن فرضا عليه ابتدأ الدخول فيه وكذلك العمرة (١).
ومثله روي ابن وهب عن زيد قال : ليست العمرة واجبة على أحد من الناس. قال : فقلت له : قول الله (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) قال : ليس من الخلق أحد ينبغي له إذا شرع في أمر إلّا أن يتمه وإذا خرج فيها لم ينبغي له أن يحل يوما ثمّ يرجع كما لو صام يوما لم ينبغي له أن يفطر في نصف النهار ، ودليل هذا التأويل قوله (فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلى مُدَّتِهِمْ) (٢) لم يرد به الابتداء وإنّما أراد به إتمام ما مضى من العهد والعقد ، ومن أوجب العمرة تأول الإتمام على معنى الابتداء والإلزام أي أقيموها وافعلوها يدلّ عليه قوله عزوجل (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَ) (٣) أي فعلهن وقام بهن ، وقوله (ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ) (٤) أيّ ثمّ ابتدئوا الصيام وأتموه لأنه ذكره عقيب الأكل والشرب والصبح ، وهذا هو الأصح والأوضح لأنه جمع بين الاثنين ، وحمل الآية على عمومها فمعناه ابتدئوا العمرة فإذا دخلتم فيها فأتموها ، فيكون جامع بين وجهي الإتمام ، ولأن من أوجهها أكثر ، والأخبار في إيجاب الحجّ والعمرة مقترنتين أظهر وأشهر.
عن أبي رزين العقيلي إنّه قال : يا رسول الله إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحجّ والعمرة ولا الطعن ، قال : «حجّ عن أبيك واعتمر» [٧٩] (٥).
وقال أبو المشفق : لقيت النبيّ صلىاللهعليهوسلم بعرفة فدنوت منه حتّى اختلفت عنق راحلتي وعنق راحلته فقلت : يا رسول الله انبئني بعمل ينجيني من عذاب الله ويدخلني الجنّة؟ قال : «اعبد الله ولا تشرك به شيئا وأقم الصلاة المكتوبة وأدّ الزكاة المفروضة وحجّ واعتمر وصمّ رمضان وانظر ما تحب من النّاس ان يأتوه إليك فافعله بهم وما تكره من الناس إن يأتوه إليك فذرهم منه» [٨٠].
عاصم عن شفيق عن عبد الله قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «تابعوا بين الحجّ والعمرة فإنّهم لينفيان الفقر والفاقة والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة وليس للحجّ المبرور ثواب دون الجنّة» [٨١] (٦).
في افراد الحج
عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أفرد الحج.
ابراهيم عن الأسود عن عائشة قالت : خرجنا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم لا نرى إلّا الحج.
__________________
(١) راجع تفسير الطبري : ٢ / ٢٨٦.
(٢) سورة التوبة : ٤.
(٣) سورة البقرة : ١٢٤.
(٤) سورة البقرة : ١٨٧.
(٥) مصنف ابن أبي شيبة : ٤ / ٤٥٩ ، وصحيح ابن خزيمة : ٤ / ٣٤٦.
(٦) مسند أحمد : ٣ / ٤٤٦. ٤٤٧ ، وسنن ابن ماجة : ٢ / ٩٦٤.