نعم ، في إجارة العين الموقوفة إذا آجر البطن السابق تبطل بموته بعد الانتقال إلى البطن اللاحق ، لأنّ الملكيّة محدودة (١) ، ومثله ما لو كانت المنفعة موصى بها للمؤجّر ما دام حيّاً (٢) ، بخلاف ما إذا كان المؤجر هو المتولّي للوقف وآجر لمصلحة البطون إلى مدّة ، فإنّها لا تبطل بموته ولا بموت البطن الموجود حال الإجارة (٣) ،
______________________________________________________
(١) فإنّ ملكيّة كلّ بطن للعين المذكورة محدودة بحياته كملكيّة منافعها ، فالإجارة في مثلها تبطل بالموت لا محالة ، لانتهاء أمد الملكيّة ، فلو آجر البطن السابق بطلت الإجارة بموته والانتقال إلى البطن اللاحق ، بمعنى : أنّ الإجارة تعدّ بقاءً من الإجارة الفضوليّة ، فيتوقّف نفوذها على إجازة البطن اللاحق ، فالمراد من البطلان هنا هو المراد من بطلان البيع الفضولي ، أي التوقّف على الإجازة.
(٢) حيث إنّه ينكشف بالموت عدم كونه بعدئذٍ مالكاً للمنفعة ، فلا جرم تبطل الإجارة بقاءً ، أي تتوقّف على إجازة من بيده الإجازة كما عرفت.
(٣) أمّا عدم البطلان بموت البطن الموجود فظاهر ، لوقوع الإجارة بين المؤجر وهو المتولّي وبين المستأجر ، والبطن الموقوف عليه أجنبي عن هذا العقد القائم بين ذينك الطرفين ، فلا موجب لبطلان العقد بموت من هو أجنبي عنه.
وأمّا عدمه بموت المتولّي فكذلك ، نظراً إلى أنّ ولايته وإن كانت محدودة بزمان حياته ، وتنتقل بموته إلى شخص آخر لا محالة ، إلّا أنّ متعلّق هذه الولاية غير متقيّد بزمان خاصّ ، فكما يسوغ له بيع العين الموقوفة إذا اقتضته المصلحة وتبديلها بعين أُخرى ، أو الصرف على الموقوف عليهم ، فكذا له الإجارة مدّة طويلة ، فكلّما تحقّقت المصلحة ثبتت الولاية من غير فرق بين نقل العين