.................................................................................................
______________________________________________________
وإنّما الكلام في نفقته خلال الفترة المتخلّلة ما بين العتق وبين انقضاء مدّة الإجارة وأنّه مَن المسئول عنها والقائم بها؟
ولا بدّ من فرض الكلام فيما إذا لم يشترط كونها على المستأجر كما صرّح به في المتن ، وإلّا فالحكم ظاهر. كما لا بدّ أيضاً من فرض الكلام فيما إذا كانت الإجارة مستوعبة لتمام الوقت بحيث لم يبق مجال يتمكّن العبد فيه من الكسب لنفسه وتأمين معيشته. أمّا لو لم تكن مستغرقة ، كما لو استؤجر كلّ يوم ساعة أو ساعتين وأمكنه صرف الباقي في سبيل تحصيل المعاش ، فينبغي أن يكون هذا خارجاً عن محلّ الكلام ، فإنّه حرّ كسائر الأحرار يتمكّن من الكسب لنفسه ، ولا موجب لتحميل نفقته على غيره. فلا وجه لأخذه قيّداً في القول الثاني كما صنعه في المتن كما لا يخفى.
فهاتان الصورتان خارجتان عن محلّ الكلام ، وقد ذكر (قدس سره) حينئذٍ في المسألة وجوهاً :
أحدها : ما اختاره من كون نفقته على مولاه ، نظراً إلى أنّه حيث استوفى منافع زمان الحرّيّة بالإجارة فكأنه بعدُ مملوك له ، فكان المعتق هنا بمنزلة المالك فتجب طبعاً نفقته عليه.
الثاني : أنّه لمّا كان فقيراً عاجزاً عن التكسّب فنفقته على بيت المال المتكفّل لأُمور المسلمين ، كما هو شأن كل عاجز عن الكسب فإنّ نفقته على الإمام الذي هو وليّ المسلمين ينفق عليه من بيت المال ، وعلى تقدير عدمه فحاله حال بقيّة الفقراء في أنّه يجب على كافّة المسلمين كفاية الإنفاق عليهم حفظاً للنفس المحترمة عن الهلكة.
الثالث : أنّه لمّا كان حفظ النفس المحترمة مقدّماً على كلّ واجب وهو متوقّف على الكسب فإذن يكسب لنفسه بمقدار الضرورة ويستثنى ذلك عن الخدمة الواجبة من غير أيّ ضمان عليه.