ولا يصحّ أن يقول في الإيجاب : بعتك (*) الدار مثلاً وإن قصد الإجارة. نعم ، لو قال : بعتك منفعة الدار أو سكنى الدار مثلاً بكذا ، لا يبعد صحّته إذا قصد الإجارة (١).
______________________________________________________
(١) فرّق (قدس سره) بين هذين التعبيرين ، فلم يستبعد الصحّة في الثاني بعد أن حكم ببطلان الأوّل.
بل قد استشكل فيها أيضاً شيخنا الأُستاذ (قدس سره) في تعليقته الأنيقة ، بل مال إلى البطلان فقال ما لفظه : صحّة هذا وأشباهه مبني على جواز التجوّز في صيغ العقود وصحّة إنشاء كلّ واحد منها بلفظ الآخر ، وهو في غاية الإشكال ، بل لا يبعد بطلانه (١).
وينبغي التكلّم تارةً في الصغرى وأنّ المقام هل هو من مصاديق إنشاء عقد بلفظ العقد الآخر أو لا؟ وأُخرى في الكبرى وأنّ الإنشاء المزبور على تقدير تحقّقه هل يستوجب البطلان أو لا؟
أمّا من حيث الصغرى فالظاهر عدم اندراج المثال الثاني تحت هذه الكبرى ، لعدم استعمال لفظ البيع فيه في الإجارة ، كيف؟! ولا تتعلّق الإجارة إلّا بالعين ، فيقال : آجرتك الدار ، ولا يقال : آجرتك منفعة الدار ، كما تقدّم ، حيث عرفت أنّ مفهوم الإجارة مساوق لتمليك المنفعة ، فلا تضاف إلى المنفعة ، إذ ليست للمنفعة منفعة كما هو واضح ، فلو كان لفظ البيع في المثال المزبور مستعملاً عوضاً عن الإجارة لرجع إلى قولك : ملّكتك منفعة منفعة الدار ، ولا محصّل له ، فلم يستعمل اللفظ في معنى الإجارة ليكون من قبيل إنشاء عقد بلفظ العقد الآخر.
__________________
(*) لا تبعد الصحّة إذا نصب قرينة عرفيّة على إرادة الإجارة من لفظ البيع.
(١) تعليقة النائيني على العروة الوثقى ٥ : ٩ (تحقيق جماعة المدرسين).