.................................................................................................
______________________________________________________
الرواية الثانية.
ففي الأوّل بما أنّ الإتلاف ومنه الإباق قيد وقع في العمل المستأجر عليه والمأذون فيه من قبل المولى فكأنه بالآخرة ينتهي إليه ، فلأجل هذه المناسبة صحّ تشريع الضمان عليه.
وهذا بخلاف الثاني ، إذ بعد فرض وقوع الإفساد فيما لا علاقة له ولا ارتباط بالمولى بتاتاً وإنّما هو تصرّف خارجي أجنبي عن مورد الإذن الصادر منه كما افترضه في الرواية من استهلاك أموال كثيرة ، فبهذه العناية كان الأنسب جعل الضمان في كسب العبد.
والحاصل : أنّه لا ملازمة بين الموردين بعد أن كان كلّ من الحكمين تعبّديّاً وعلى خلاف مقتضى القاعدة ، حيث عرفت أنّ مقتضاها عدم ضمان المولى حتى في كسب العبد فضلاً عن غيره ، لعدم كونه مسؤولاً عمّا يصدر من غيره ، ولكن الدليل التعبدي قد دلّ على ضمانه ، فلا محيص عن الالتزام به والخروج عن مقتضى القاعدة ، وعندئذٍ فلا مانع من الاقتصار على كلّ منهما في مورده من دون أيّ مقتضٍ لحمل أحدهما على الآخر ، بعد اختلاف الموردين في كون الإفساد في أحدهما في العمل المأذون فيه من قبل المولى ، وفي الآخر فيما لا يرتبط به ، المستتبع لصحّة التفصيل من كون الضمان على المولى تارةً ، وعلى العبد في كسبه اخرى حسبما تضمّنه النصّان.
ولعلّ التفصيل بهذا النحو هو الأصحّ والأقرب ، فيلتزم بالفرق بين الإفساد في مورد الإجارة فالضمان على المولى ، والإفساد في غيره فعلى العبد في كسبه حسبما عرفت مستوفى.