نعم ، لو اشترط استيفاء المنفعة بنفسه ولم يشترط كونها لنفسه جاز أيضاً إجارتها من الغير (١) بشرط أن يكون هو المباشرة للاستيفاء لذلك الغير ، ثمّ لو خالف وآجر في هذه الصور ففي الصورة الاولى وهي ما إذا استأجر الدابّة لركوبه نفسه بطلت ، لعدم كونه مالكاً إلّا ركوبه نفسه فيكون المستأجر الثاني ضامناً لُاجرة المثل للمالك إن استوفى المنفعة ، وفي الصورة الثانية والثالثة في بطلان الإجارة وعدمه وجهان (*) مبنيّان على أنّ التصرّف المخالف للشرط باطل ، لكونه مفوّتاً لحقّ الشرط ، أو لا بل حرام وموجب
______________________________________________________
مانع من الحكم بصحّة الإجارة الصادرة بعد افتراض وقوعها خارجاً. وهذا بخلاف المقام ، فإنّ الشرط هنا هو المباشرة ، وكيف يمكن الحكم بوجوبها وفي عين الحال يحكم بصحّة الإجارة الثانية ووجوب الوفاء بها المستلزم لعدم المباشرة؟! فلا مناص هنا من الحكم بالبطلان حسبما عرفت.
وهذا البيان مطّرد في كلّ مورد وجب شيء وكان الوفاء بالعقد منافياً له ، فإنّ دليل وجوب الوفاء لا يكاد يشمل ذلك العقد ، لأنّ شموله له على سبيل الإطلاق منافٍ لذاك الواجب ولا يجتمعان معاً حسب الفرض ، وعلى سبيل الترتّب يستلزم التعليق المبطل للعقد ، فلا مجال لتصحيح العقود بالترتّب في أمثال المقام.
(١) هذه هي الصورة الرابعة في كلامه ، والوجه في الجواز هنا ظاهر ، لعدم التنافي بين الشرط المزبور وبين الوفاء بالإجارة الثانية ، بأن يكون هو المتصدّي والمباشر للاستيفاء لذلك الغير ، كما لو استأجر الدابّة أو السيّارة لحمل
__________________
(*) أظهرهما الثاني في الصورة الثانية ، وأمّا الصورة الثالثة فهي إن لم تكن الصورة الأُولى بعينها فمتّحدة معها حكماً غير أنّه لا يجوز فيها الإجارة من الغير مطلقاً.