.................................................................................................
______________________________________________________
ولكن هذا البيان إنّما يستقيم بالإضافة إلى الأموال التي تقوم بالقيمة ، بحيث تكون القيمة شيئاً آخر وراء نفس المال ، كما في الحنطة والفرس ونحوهما من أنواع السلع ممّا تقوم بمثل الدرهم أو الدينار.
وأمّا إذا كانت الأُجرة نفس الدرهم والدينار أو الريال والدولار ونحوها من الأوراق النقديّة الدارجة المتمحّضة في الثمنيّة والتي لا شأن ولا حيثيّة لها غالباً ما عدا الصرف في الأثمان من دون نظر إلى ذوات الأعيان وخصوصيّاتها ، فاختلاف الأجناس في مثل ذلك غير مانع عن صدق عنوان الأكثر في نظر العرف.
والسرّ فيه : ما أشرنا إليه بالمناسبة في بعض المباحث السابقة من اختلاف البائع والمشتري في وجهة النظر لدى التصدّي للمعاملة ، حيث إنّ المشتري نظراً إلى حاجته إلى السلعة يدقّق النظر في الخصوصيّة مضافاً إلى ملاحظة القيمة ، وأمّا البائع فقصارى همّته الاسترباح والمحافظة على الماليّة ، ومن ثمّ لا يعطف نظره إلى خصوصيّات الثمن ولا إلى جنسه وماهيّته ، بل إلى ربحه وماليّته.
وعليه ، فلو استأجر الدار بعشرة دنانير ثمّ آجرها بخمسين دولاراً أو مائة ريال سعودي وفرضنا أنّ الماليّة في الإجارة الثانية أوفر ، فضلاً عمّا لو استأجرها بمائة درهم المعادلة لخمسة دنانير ثمّ آجرها بعشرة دنانير ، يصحّ القول حينئذٍ من دون أيّة عناية بأنّه آجرها بالأكثر وإن كانت الاجرتان متباينتين وتعدّان من جنسين متغايرين ، لما عرفت من أنّ كلّاً من الدينار أو الدولار إنّما يلاحظان بما أنّهما مال لا بما أنّهما مال خاصّ ، فلا جرم تشمله الأخبار ويحكم بعدم صحّة الإيجار.