.................................................................................................
______________________________________________________
وأمّا معتبرة السكوني : «للعين ما رأت ولليد ما أخذت» (١) فالاستدلال بها وإن سبق منّا أيضاً لكنّه قابل للخدش ، نظراً إلى أنّها مسوقة لبيان تشخيص المالك من حيث تردّده بين من أبصر ومن أخذ ، لا من حيث تردّده بين من تقوم به الحيازة ومن تكون له ، فإنّها ليست بصدد البيان من هذه الجهة ، فلا ينعقد لها إطلاق نافع للمقام ليدلّ على أنّه المالك الآخذ وإن لم يكن مباشراً.
وبعبارة واضحة : المتعارف الخارجي في مورد الرواية تردّد الطير المتنازع فيه بين كونه لمن أبصر أو لمن أخذ ، الظاهر ولو بحكم الانصراف فيما إذا كان المباشر قد أخذه لنفسه ، فإطلاقها لما إذا كان الآخذ مملوكاً للغير بالاستئجار لتدلّ على كون المأخوذ لمالك الآخذ لا لمن يقوم به الأخذ على خلاف منصرفها كما لا يخفى.
وكيفما كان ، فتكفينا السيرة العقلائيّة سواء تمّت دلالة الرواية أيضاً أم لا ، ومقتضاها صحّة الإجارة حسبما عرفت.
الجهة الرابعة : في حكم الوكالة أو النيابة في الحيازة أو الجعالة عليها أو الأمر بها فهل يصحّ شيء من ذلك كما صحّت الإجارة ويكون المحوز ملكاً للموكّل أو المنوب عنه ، أو الجاعل أو الآمر كما كان ملكاً للمستأجر ، أو لا؟
أمّا الوكالة فقد تقدّم غير مرّة أنّها لا تجري إلّا في الأُمور الاعتباريّة وما يلحق بها من القبض والإقباض.
فإنّ معنى الوكالة جعل الوكيل بمثابة الموكّل بحيث إنّ الفعل الصادر منه مستند إليه حقيقةً ومن دون أيّة عناية ، غاية الأمر أنّه صادر منه بالتسبيب لا بالمباشرة ، وهذا مطّرد في كافّة الأُمور الاعتباريّة ، فيقال لزيد الذي وكّل عمرواً
__________________
(١) المتقدمة في ص ٣٤٧.