.................................................................................................
______________________________________________________
إذن فلا بدّ من اتّباع دليل آخر ، وقد استُدلّ بعدّة (١) وجوه بعضها واضح الدفع وغير قابل للتعرّض ، والعمدة منها وجوه ثلاثة :
أحدها : ما ذكره الشيخ (قدس سره) من أنّ إيجاب العمل يستوجب صيرورته ملكاً لله سبحانه ، وما كان مملوكاً للغير ولو كان هو الله سبحانه لا يجوز تمليكه من شخص آخر ، إذ المملوك الواحد لا يملكه على سبيل الاستقلال إلّا مالك واحد كما هو ظاهر (٢).
ويندفع : بأنّه إن أُريد من ملكيّته سبحانه إلزامه بالعمل واستحقاق العقاب على مخالفته فمنافاته مع التمليك من شخص آخر بحيث تكون له المطالبة أيضاً بما أنّه مالك أوّل الدعوى ، فهذه مصادرة واضحة.
بل لا ينبغي التأمّل في أنّ وجوب الشيء من حيث هو لا يمنع عن تعلّق حقّ الغير به بحيث يستحقّ المطالبة أيضاً.
ومن ثمّ لم يستشكل أحد من الفقهاء فيما نعلم في جواز جعل الواجب شرطاً في ضمن العقد وإلزام المشروط عليه بالوفاء به ، فلا تنافي بين الوجوب وبين المملوكيّة للغير.
وإن أُريد به الملكيّة التكوينيّة أعني : إحاطته التامّة لعامّة الأشياء وأنّه مالك لكلّ موجود فمن البديهي عدم التنافي بين هذه الملكيّة وبين الملكيّة الاعتباريّة المجعولة لشخص آخر ، فإنّ المباحات أيضاً وكلّ ما يفرض في العالم من الممكنات فهي تحت قدرته وسلطنته ، وهو مالك الملوك ، فلا فرق بين الواجبات وغيرها من هذه الجهة.
وإن أُريد به الملكيّة الاعتباريّة فهي غير قابلة للذكر وواضحة الاندفاع.
__________________
(١) أنهاها شيخنا المحقّق في كتاب الإجارة ص ١٧٥ إلى وجوهٍ سبعة.
(٢) المكاسب ٢ : ١٣٠.