.................................................................................................
______________________________________________________
ثانيها : ما ذكره الشيخ (قدس سره) أيضاً من أنّ العمل إذا كان واجباً على الأجير جاز مطالبته ، بل إلزامه وإجباره بإيقاعه ولو من غير رضاه حتى قبل وقوعه مورداً للإجارة ، لفرض وجوبه عليه شرعاً ، ومعه كيف تصحّ الإجارة وما هي فائدتها والأثر المترتّب عليها من هذه الجهة لكي يعتبر المستأجر مالكاً للعمل (١)؟! وأنت خبير بأنّ هذا الوجه واضح الاندفاع وإن ذكره الشيخ (قدس سره) ، فإنّ الإجبار من الأوّل وإن كان ثابتاً فيما إذا كان العمل واجباً عيناً وتعييناً ، إلّا أنّه حقّ نوعي من باب الأمر بالمعروف ثابت لعامّة المكلّفين لدى استجماع الشرائط ، لا حقّ شخصي من باب المطالبة بالملك القابل لعرضه على المحاكم الشرعيّة والقانونيّة ، فالمطالبة بما أنّه مالك لا بما أنّه آمر بالمعروف لا تثبت إلّا بالإجارة.
ثالثها : ما ذكره شيخنا الأُستاذ (قدس سره) ، وحاصله : أنّه لا ريب في اعتبار القدرة في متعلّق الإجارة ، وبما أنّها متقوّمة بالطرفين أي له أن يفعل وأن لا يفعل فكما أنّ التحريم الشرعي سالب لها من ناحية الفعل ومن ثمّ لا تصحّ الإجارة على المحرّمات ، فكذلك الإيجاب الشرعي سالب لها من ناحية الترك ، فلا تصحّ الإجارة على الواجبات أيضاً بعين المناط ، لما عرفت من تقوّم القدرة وتعلّقها بالطرفين ، فلا الحرام مقدور شرعاً الذي هو في قوّة الممنوع عقلاً ، ولا الواجب بملاك واحد ، فإذا كان الأجير مسلوب القدرة فلا جرم كانت الإجارة باطلة.
ويندفع : بأنّ القدرة المفسّرة بتساوي الطرفين لم ينهض أيّ دليل على اعتبارها في صحّة الإجارة.
__________________
(١) المكاسب ٢ : ١٣١ ـ ١٣٥.