الخامس : أن تكون المنفعة مباحة (١) ، فلا تصحّ إجارة المساكن لإحراز المحرّمات ، أو الدكاكين لبيعها ، أو الدوابّ لحملها ، أو الجارية للغناء ، أو العبد لكتابة الكفر ، ونحو ذلك ، وتحرم الأُجرة عليها.
______________________________________________________
على إعدام العين وإفنائها ، لخروج ذلك عن حقيقة الإجارة ، لما تقدّم من تقوّم مفهومها بتمليك المنفعة المنوط بإبقاء العين والمحافظة عليها لكي تستوفى منها المنافع ، التي هي حيثيّات وشؤون للعين تدريجاً ، ومن الواضح أنّ مثل الخبز فاقد لهذا الشأن ، فإنّ أكله إتلافه لا أنّه استيفاء شأن من شؤونه. ففي الحقيقة يعدّ هذا الأمر من مقوّمات الإجارة لا من شرائطها.
(١) فلا تتعلّق الإجارة بالمنافع المحرّمة كالأمثلة المذكورة في المتن. ويستدلّ لهذا الاشتراط :
تارةً : بما ذكره شيخنا الأُستاذ (قدس سره) من أنّ المنفعة المحرّمة غير مملوكة ، فلا يملكها مالك العين حتى يملّكها بالإجارة المتقوّمة بتمليك المنفعة وتملّكها. قال (قدس سره) في تعليقته الأنيقة ما لفظه : إنّ اشتراط مملوكيّة المنفعة يغني عن هذا الشرط ، فإنّ المنفعة المحرّمة غير مملوكة (١).
فالملكيّة حسب الاعتبار الشرعي تختصّ بالمنافع المحلّلة التي يمكن أن يستوفيها المالك بنفسه فيملّكها للغير بالإيجار ، دون المحرّمة التي لا سلطنة له عليها ، ومن ثمّ كان اشتراط الملكيّة مغنياً عن هذا الشرط.
ويندفع : بأنّ هذا إنّما يتّجه بالإضافة إلى إجارة الأعمال ، فلو آجر نفسه لعمل محرّم من قتل أو ضرب أو كذب أو نقل الخمر من مكان إلى آخر ونحو
__________________
(١) تعليقة النائيني على العروة الوثقى ٥ : ١١ (تحقيق جماعة المدرسين).