وأمّا السفيه فهل هو كذلك (١) أي تصحّ إجارة نفسه للاكتساب مع كونه محجوراً عن إجارة داره مثلاً أو لا؟ وجهان (*) : من كونه من التصرّف المالي وهو محجور ، ومن أنّه ليس تصرّفاً في ماله الموجود ، بل هو تحصيل للمال ، ولا تعدّ منافعه من أمواله خصوصاً إذا لم يكن كسوباً ،
______________________________________________________
وثانياً : أنّها أجنبيّة عن التفليس الذي هو محلّ الكلام ، إذ لم يذكر فيها الحكم بالحجر ، بل قد فرض أنّه لا مال له ، فلتحمل بعد وضوح وجوب إنظار المعسر على مدين يتمكّن من الاكتساب بإجارة نفسه وهو مناسب لشأنه ويطالبه الدائن ، فإنّه يجب عليه وقتئذٍ إجارة نفسه تمهيداً لأداء دينه ، ولو امتنع أجبره الحاكم ، فالحكم مطابق للقاعدة. وأين هذا من المفلس الذي حكم على أمواله بالحجر ، وأنّه يمنع من التصرّف في الأعمال كما هو ممنوع عن الأموال؟! فإنّ الرواية أجنبيّة عن ذلك بالكلّيّة.
إذن فما ذكره الماتن وغيره من الفقهاء من اختصاص حجر المفلس بالأموال وعدم السراية إلى الأعمال هو الصحيح ، فلو آجر نفسه صحّت إجارته وإن كان في استقلاله في التصرّف في الأُجرة أو كونه منوطاً بإجازة الغرماء بحثٌ موكول إلى محلّه ، لخروجه عمّا نحن بصدده حسبما عرفت.
(١) لا خلاف كما لا إشكال في محجوريّة السفيه بالنسبة إلى تصرّفاته الماليّة كما يقتضيه قوله تعالى (فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ) (١) ، وكذا جملة من الروايات.
__________________
(*) لا يبعد أن يكون الوجه الأوّل هو الأوجه.
(١) النساء ٤ : ٦.