يعني : رآني مقيد [بقيد] (١).
(وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) إلى (لَيْسُوا سَواءً). الآية. قال ابن عباس ومقاتل : لما أسلم عبد الله بن سلام وثعلبة بن سعيد وأسيد بن سعيد وأسد بن عبيد ومن أسلم من اليهود قالت رؤوس اليهود : ما آمن بمحمد إلّا شرارنا ، ولو كانوا من خيارنا ما تركوا دين آبائهم ، وقالوا لهم : لقد خسرتم حيث استبدلتم بدينكم دينا غيره (٢) ، فأنزل الله تعالى (لَيْسُوا سَواءً) وسواء يقتضي شيئين اثنين فصاعدا ، واختلفوا في وجه هذه الآية فقال قوم : في الكلام إضمار تقديره : ليسوا سواء (٣). (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ) وأخرى غير قائمة فتزلّ الأخرى لاكتفائه بذكر أحد الفريقين كقول أبي ذؤيب :
عصيت إليها القلب إني لأمرها |
|
مطيع فما أدري أرشد طلابها |
أراد : أرشد أم غيّ ، فحذفه لدلالة الكلام عليه.
وهذا قول مجموع مقدم كقولهم : (أكلوني البراغيث) و (ذهبوا أصحابك). وقال : تمام القول عند قوله : (لَيْسُوا سَواءً) وهو وقف لأن ذكر الفريقين من أهل الكتاب قد جرى في قولهم (مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ) ثم قال (لَيْسُوا سَواءً) يعني المؤمنين والفاسقين ، ثم وصف الفاسقين فقال : (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً) ، ثم وصف المؤمنين فقال : (أُمَّةٌ قائِمَةٌ). الآية. فهو مردود على أول الكلام ، وهو مختار محمد بن جرير (٤) والزجاج ، قال : وإن شئت جعلت قوله : (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ) ابتداء لكلام آخر ؛ لأنّ ذكر الفريقين قد جرى ، ثمّ قال : ليس هذان الفريقان سواء وهم ، ثمّ ابتدأ فقال : (مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ).
قال ابن مسعود : معناها لا يستوي اليهود وأمة محمد القائمة بأمر الله تعالى يعني الثابتة على الحقّ المستقيم. ابن عباس : (أُمَّةٌ قائِمَةٌ) مهتدية قائمة على أمر الله لن تنزع عنه ولم تتركه كما تركه الآخرون وضيّعوه. مجاهد : عادلة ، السدي : مطيعة قائمة على كتاب الله وفرائضه وحدوده. وقيل : قائمة في الصلاة. قال الأخفس أمة قائمة أي ذو أمّة قائمة ، والأمّة : الطريقة ، من قولهم : أممت الشيء أي قصدته. قال النابغة : وهل يأتمن (٥) ذو أمّة وهو طائع.
أي ذو طريقة.
__________________
(١) في المخطوط : لقيد.
(٢) أحكام القرآن للجصاص : ٢ / ٤٥.
(٣) كذا في المخطوط ، وهناك علامة سقط على كلمة سواء ، لكن لم يشر لهذا السقط في هامش مصوّرة المخطوط.
(٤) تفسير الطبري : ٤ / ٧١.
(٥) كذا في المخطوط ، والظاهر أنّه يأتمر.