إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

الكشف والبيان [ ج ٣ ]

257/423
*

فساد هذا المذهب ما روي أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم خطب يوم العيد ثم نزل فذهب إلى النساء فوعظهن فقال : «تصدقن ولو من حليكنّ» (١) [٢٤٢] فكنّ تتصدقنّ فجعلت المرأة تلقي حرصها وسخائها ، فأمرهنّ عليه‌السلام بالصدقة وقبلها منهنّ ، ولم يفصل بين متزوجة وغير متزوجة ولا بين من تصدقت بإذن زوجها أو بغير إذنه ، فهذا القول في الحجر على الصغير ، وبيان حكم قوله : (وَابْتَلُوا الْيَتامى) ، فأما قوله : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ) الآية.

حكم الكلام في الحجر على السفيه

فاختلف العلماء فيه :

فقال أبو حنيفة ونفر : لا حجر على حر بالغ عاقل بوجه ، ولو كان أفسق الناس وأشدهم تبذيرا. وهو مذهب النخعي ، واحتجوا في ذلك بما

روى قتادة عن أنس : أن حيان بن منقذ كان يخدع في البيع فأتى أهله النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقالوا : إن حيان بن منقذ يعقد وفي عقده ضعف فأحجر عليه.

فاستدعاه النبي صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال له : «لا تبع» فقال : لا أصبر عن البيع ، فقال له : «إذا بايعت فقل لا خلابة ولك الخيار ثلاثا» (٢) [٢٤٣].

فلما سأله القوم الحجر عليه على ما كان في تصرفه من الغبن ولم يفعل ، ثبت أنه لا يجوز.

قال الشافعي : إن كان مفسدا لماله ودينه أو كان مفسدا لماله دون دينه حجر عليه ، وإن كان مفسدا لدينه مصلحا لماله فعلى وجهين :

أحدهما : يحجر عليه ، وهو اختيار أبي العباس بن شريح.

والثاني : لا يحجر عليه ، وهو اختيار أبي إسحاق المروزي ، والأظهر من مذهب الشافعي ، وهو الذي ذكرناه من الحجر على السفيه ، قول عثمان وعلي والزبير وعائشة وابن عباس وعبد الله بن جعفر ، ومن التابعين شريح وبه قال من الفقهاء : مالك وأهل المدينة والأوزاعي وأهل الشام وأبو يوسف ومحمد وأحمد وإسحاق وأبو ثور ، وادّعى أصحابنا الإجماع في هذه المسألة ، ما روى هشام بن عروة عن أبيه : أنّ عبد الله بن جعفر ابتاع أرضا سبخة بستين ألف درهم ، فغبن فيها فأراد عليّ أن يحجر عليه ، فأتى ابن جعفر إلى الزبير فقال : إني اشتريت وأن عليا يريد أن يأتي حبر المؤمنين فيسأله أن يحجر عليّ.

__________________

(١) صحيح مسلم : ٢ / ٨٠ ومسند أحمد : ٦ / ٢٦٢.

(٢) تفسير القرطبي : ٥ / ٢٧.