قال قتادة : إن الله عزوجل كره الضرار في الحياة وعند الموت ونهى عنه وقدر فيه ، ولا يصلح مضارة في حياة ولا موت. وفي الخبر من قطع ميراثه في الجنة (١) (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ) إلى قوله :
(وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ فَإِنْ شَهِدُوا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً (١٥) وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً (١٦) إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٧) وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً (١٨) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلاَّ أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً (١٩) وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدالَ زَوْجٍ مَكانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْداهُنَّ قِنْطاراً فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً (٢٠) وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضى بَعْضُكُمْ إِلى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثاقاً غَلِيظاً (٢١))
(وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ) يعني الزنا ، وفي مصحف عبد الله الفاحشة (مِنْ نِسائِكُمْ فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ) يعني من المسلمين (فَإِنْ شَهِدُوا) عليها بالزنا (فَأَمْسِكُوهُنَ) فأحبسوهن (فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً) وإنما كان هذا قبل نزول الحدود ، كانت المرأة في أول الإسلام لو أذنبت حبست في البيت حتى تموت ؛ وإن كان لها زوج كان مهرها له ، حتى نزلت قوله : (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما) (٢).
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «خذوا عني خذوا عني قد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة ، والبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام» (٣) [٢٥٥].
فنسخت تلك الآية بعض هذه الآية ، وهو الإمساك في البيوت وبقي بعضها محكما وهو الاستشهاد (وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ) يعني الرجل والمرأة ، المذكر والمؤنث إذا اجتمعا قلب المذكر على المؤنث ، والهاء راجعة إلى الفاحشة.
قال المفسرون : فهما البكران يزنيان (فَآذُوهُما) قال عطاء وقتادة والسدي : يعني عيّروهما
__________________
(١) انظر : كشف الخفاء : ٢ / ٣١٠.
(٢) سورة النور : ٢.
(٣) مسند أحمد : ٣ / ٤٧٦ وصحيح مسلم : ٥ / ١١٥ مع تقديم وتأخير.