وقيل : أراد به المدة التي أمر الله فيها القتال لزوال الكفر بقوله (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) فعند ذلك يكف بأس الذين كفروا ، وهو الوقت. حتى ينزل فيه [المهدي] فيكون حكما قسطا ويظهر الإسلام (عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ).
وقيل : إن ذلك في القوم قذف الله في قلوبهم الرعب وأخرجهم من ديارهم وأموالهم بغير قتال من المؤمنين لهم وهذا بأس قد كفّه الله عن المؤمنين.
وقد قيل : إنه أراد به اليهود والنصارى وهم يعطون الجزية وتركوا المحاربة ، وقد كف بأسهم عن المؤمنين إذا صاروا يؤدّون الجزية صاغرين.
(مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً (٨٥) وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً (٨٦) اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً (٨٧) فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً (٨٨) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً (٨٩) إِلاَّ الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ أَوْ يُقاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شاءَ اللهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَما جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً (٩٠) سَتَجِدُونَ آخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّما رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيها فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً (٩١))
(مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً) أي يحسن القول في الناس ويسعى في إصلاح ذات البين (يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ) أي حظ (مِنْها وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً) فيسيء القول في الناس ويمشي بينهم بالنميمة والغيبة. (يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْها).
قال ابن عباس وقتادة : الكفل الوزر والإثم ، وقال الفراء وأبو عبيدة : الحظ والنصيب ، مأخوذ من قولهم : اكتفلت البعير إذا [أدرت] على سنامه أو موضع من ظهره كساء وركبت عليه.
وقيل له : اكتفل لأنه لم يستعمل الظهر كلّه وإنما شغل شيئا من الظهر.
وقال مجاهد : (شَفاعَةً حَسَنَةً) و (شَفاعَةً سَيِّئَةً) شفاعة الناس وهم البعض.
(وَكانَ اللهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتاً) مقتدرا.
الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس : (مُقِيتاً) أي مقتدرا مجازيا بالحسنة حسنة يقال : أقات أي اقتدر.