وروى حمّاد عن عطاء بن السائب عن ابن عباس قال : كان الرجل يسلم ، ثم يأتي قومه وهم مشركون ، فيمرّ بهم جيش من جيش النبي صلىاللهعليهوسلم [فيقتل فيمن يقتل فيعتق قاتله رقبة ولا دية له] (١) فنزلت هذه الآية (فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) وليست له دية ، وكان الحرث بن زيد قتل مؤمنا من قوم كانوا حربا لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وكان فيه تحرير رقبة ولم يكن فيه دية ولكنّه لم يكن بين رسول الله صلىاللهعليهوسلم وبين قومه عهد ثم قال (وَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ) أي عهد فأصبتم رجلا منهم (فَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ) على الفاعل (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) الرقبة (فَصِيامُ شَهْرَيْنِ مُتَتابِعَيْنِ) لا تفرق بين صيامه (تَوْبَةً مِنَ اللهِ) وجعل الله ذلك توبة لقاتل الخطأ (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) بمن قتله خطئا (حَكِيماً) فيمن حكم عليه.
والدية في الخطأ ، مائة من الإبل ، عشرون بنت مخاض ، وعشرون بنت لبون ، وعشرون حقّة ، وعشرون جذعة ، ويكلف العاقلة غير إبله وجعل دونها ، وإن لم يكن في بلده إبل كلّف إبل أقرب البلدان إليه ، فإن أعوزت الإبل فقيمتها بالدنانير أو بالدراهم كما قوّمها عمر بن الخطاب رضياللهعنه وكان قد كلف الأعرابي الذهب والورق لأنه لم يجد الإبل ويؤخذ ذلك من القروي لإعواز الإبل (٢).
فقال الشافعي في القديم : على أهل الذهب ألف دينار ، وعلى أهل الورق إثنا عشر ألف درهم.
وأما [أسنان] المغلظة في شبه العمد والعمد إذا ردّ إلى الدية ليربطون خلفه ، [......] (٣) حقّه ، وثلاثون جذعة (٤).
(وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً) الآية نزلت في معين بن ضبابة الكناني ، وذلك إنه وجد أخاه هشام بن ضبابة قتيلا في بني النجار وكان مسلما فأتى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فذكر له ذلك فأرسل معه رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجلا من بني فهر ، فقال له : ائت بني النجار؟ وأقرأهم السلام وقل لهم : إن رسول الله يأمركم ان علمتم قاتل هشام بن ضبابة فيقتص منه وإن لم تعلموا له قاتلا أن تدفعوا له ديته فأبلغهم الفهري ذلك عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا : سمعا وطاعة لله ولرسوله والله ما نعلم له قاتلا ولكن نؤدي ديته قال : فأعطوه مائة من الإبل ثم انصرفا راجعين إلى المدينة وبينهما وبين المدينة قريب غرّه الشيطان قال : فوسوس إليه ، فقال : أي شيء صنعت تقبل دية أخاك فيكون عليك سبّة أقتل الذي معك فيكون نفسا مكان نفس ومعك الدية.
__________________
(١) زيادة عن تفسير الطبري : ٥ / ٢٨١.
(٢) مختصر المزني : ٢٤٤.
(٣) كلمة غير مقروءة.
(٤) كتاب الأم للشافعي : ٦ / ١٢١.