وقد كان سبقهم قبل ذلك الخبر.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «قتلتموه إرادة ما معه» [٣٧٧] ثم قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذه الآية على اسامة بن زيد فقال : يا رسول الله استغفر لي وقال : «فكيف بلا إله إلّا الله» قالها رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثلاث مرات (١).
قال أسامة : فما رآني رسول الله صلىاللهعليهوسلم بعدها حتى وددت أني لم أكن أسلمت إلّا يومئذ ثم إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم استغفر لي بعد ، ثلاث مرات. فقال : أعتق رقبة.
وبمثله قال قتادة ، وروى سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس. قال : مرّ رجل من بني سليم على نفر من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم معه غنم فسلّم عليهم فقالوا : ما سلّم عليكم إلّا متعوّذا ، فعمدوا إليه فقتلوه وأخذوا غنمه فأتوا بها رسول الله صلىاللهعليهوسلم فأنزل الله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ).
وروى المبارك عن الحسن أنّ أناسا من المسلمين لقوا أناسا من المشركين فحملوا عليهم فهزموهم قال : فشدّ رجل منهم وتبعه رجل وأراد متاعه فلما غشيه بالسيف. قال : إني مسلم إنّي مسلم وكذّبه ثم أوجره السنان فقتله وأخذ متاعه.
قال : وكان والله قليلا نزرا.
قال : فرفع ذلك إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : أقتلته بعد ما زعم أنه مسلم! ، فقال : يا رسول الله إنما قالها متعوذا ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم «فهلّا شققت عن قلبه؟» (٢).
قال : لم يا رسول الله؟ قال : «لتنظر صادقا كان أو كاذبا» قال أو كنت أعلم ذلك يا رسول الله؟ قال : «إنما ينبئ عنه لسانه» [٣٧٨] قال : فما لبث القاتل أن مات ودفن فأصبح. وقد وضع إلى جنب قبره ، ثم عادوا فحفروا له فأمكنوا ودفنوه فأصبح وقد وضع إلى جنب قبره مرتين أو ثلاثا فلما رأى أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن الأرض لا تقبله أخذوا رجله وألقوه في بعض تلك الشعاب ، قال : فأنزل الله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) الآية.
قال الحسن : أما ذاك ما كان أن تكون الأرض [تحبس] من هو شر منه ولكن وعظا لقوم أن لا يعودوا إلى مثل فعله.
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ) أي إذا سرتم في الأرض مجاهدين (فَتَبَيَّنُوا) يعني المؤمن من الكافر ، ومن قرأ بالتاء والثاء أي قفوا حتى تعرفوا المؤمن من الكافر
__________________
(١) شرح مسلم للنووي : ٢ / ١٠١.
(٢) مستدرك الصحيحين : ٣ / ١١٦.