في الحراب ، حتى انتهى إلى الدار وفيها أثر الدقيق ، ثم خبأها عند رجل من اليهود ، يقال له زيد ابن السمين ، والتمست الدرع عند طعمة فلم يوجد عنده ، وحلف لهم والله ما أخذها وماله بها من علم فقال أصحاب الدرع ، بلى والله لقد أولج علينا فأحضرها وعلينا بأثره حتى دخل داره ، فرأينا أثر الدقيق منتشرا فلما أن حلف تركوه واتبعوا أثر الدقيق. حتى انتهوا إلى منزل اليهودي فأخذوه وقال اليهودي : دفعها لي طعمة بن البرق ، وشهد له ناس من اليهود على ذلك ، فقالت بنو ظفر وهم قوم طعمة : أيطلبوا بنا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فنكلمه في صاحبنا فنعذره ونجادل عنه وإن صاحبنا يرى معذورا فأتوا رسول الله صلىاللهعليهوسلم فكلموه في ذلك ، وسألوه أن يجادل عن صاحبهم وقالوا : إنك إن لم تفعل هلك صاحبنا وافتضح ، وبرىء اليهودي فهمّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يفعل وأن يعاقب اليهودي ، فأنزل الله تعالى يعاتبه (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) الآيات.
وفي رواية أخرى عن ابن عباس قال : إن طعمة سرق درعا من أنصاري وكان الدرع في جراب فيه نخالة فخرق الجراب حتى كان متناثر النخالة منه طول الطريق ، فجاء به إلى دار زيد ابن السمين على أثر النخالة [فأخذه] وحمله إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فهم رسول الله أن يقطع يد زيد اليهودي فأنزل الله تعالى هذه الآية.
علي بن الضحاك : نزلت هذه الآية في رجل من الأنصار ، استودع درعا فجحده صاحبها فخوّنه رجال من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فجاء قومه فعذروه وأتوا عليه فصدّقهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وعذرهم وردّ الذين قالوا فيه ما قالوا ، فأنزل الله تعالى هذه الآية ، فلما تبين خيانته ارتد عن الإسلام ولحق بمكة ، فأنزل الله تعالى (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ) (١) الآية.
وقال مقاتل : إن زيد السمين أودع درعا عند طعمة بن أبرق فجحده طعمة فلما جاء زيد يطلبه أغلق الباب ، فأشرف على السطح ، فألقى الدرع في دار جاره أبي هلال. ثم فتح الباب فلم يجدوا فيه فصعد السطح فقال : أرى درعا في دار أبي هلال ، فلعله درعكم فنظروا وإذا هو ذلك فرفعوه. ثم جمع طعمة قومه وجاءوا إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فشكوا وقالوا : إنهم قد فضحونا وسرقونا ، فعاتبهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فأنزل الله عزوجل (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِ) أي بالأمر والنهي والفصل (لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ) أي ما علمك الله وأوحى إليك (وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً) أي معينا (وَاسْتَغْفِرِ اللهَ) ابن عباس قال : (وَاسْتَغْفِرِ اللهَ) مما هممت به من قطع يد زيد.
الكلبي : (وَاسْتَغْفِرِ اللهَ) يا محمد من همك باليهودي أن تضربه.
مقاتل : (وَاسْتَغْفِرِ اللهَ) من جدالك الذي جادلت عن طعمة (إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً).
__________________
(١) سورة النساء : ١١٠.