فادّعى العامل تلفه ، لم يُسمع منه (*) وأُخذ بإقراره المستفاد من إنكاره الأصل (١). نعم ، لو أجاب المالك بأني لست مشغول الذمّة لك بشيء ، ثمّ بعد الإثبات ادّعى
______________________________________________________
المال هو ما يعترف الآخر له. فالمتيقن من حصّة المالك هو ما يعترف به العامل ، ومن حصّة العامل هو ما يعترف به المالك ، ويكون الباقي هو محل الخلاف بينهما ، فكل منهما يدعيه ، وبذلك فيكون من التداعي.
إلّا أنه في غاية الضعف. وذلك لما ذكرناه في باب القضاء ، من أنّ الروايات الواردة فيه على كثرتها لم تتعرض لتحديد المدّعى والمنكر ، حيث لم يرد في ذلك ولا نص ضعيف.
ومن هنا فلا بدّ من الرجوع إلى العرف ، ومقتضاه كون المطالب بالإثبات هو المدّعى وصاحبه المنكر.
وعلى ضوء هذا ففيما نحن فيه ، تكون الأرباح بأكملها وبمقتضى قانون تبعية النماء للعين للمالك إلّا ما أخرجه عنه باختياره ، وحيث إنّ المتيقن فيه هو ما يعترف به المالك ، فعلى العامل الإثبات في الزائد عنه. وعليه فلا مجال للتحالف.
(١) حيث إنّ إنكار المضاربة أو تسلّم المال تكذيب لدعواه التلف ، لأنه فرع تسلمه منه ، إذ لا يمكن إتلاف المعدوم.
وعليه فللمالك مطالبته بأداء نفس العين ، لخروج يده عن وصف الأمانة ، ما لم يثبت تلفه بالبيّنة ، وإلّا فينتقل الأمر إلى مطالبة البدل لا محالة ، لامتناع ردّها بنفسها.
هذا وقد يقال : إنه لا أثر للبيّنة في المقام ، نظراً لاعتراف العامل بعدم التلف ، فإنه بإنكاره تسلُّمَ المال معترف بعدمه لتوقّفه عليه ، فلا تسمع بيّنته ، لأنها لا تكون حجة في مقابل الإقرار. وعليه فيلزم العامل بردّ العين ، وإلّا فيحبس ، على ما هو مقتضى القضاء.
وفيه : أنّ تكذيبه لنفسه في دعوى التلف ليس تكذيباً على الإطلاق ، فإنّ العامل
__________________
(*) فللمالك أن يطالبه بنفس العين ، نعم إذا أقام العامل البيِّنة على التلف ، طالبه المالك بدفع البدل.