وإمّا ظاهرية اختيارية ، كما إذا مزجا باختيارهما لا بقصد الشركة ، فإنّ مال كل منهما في الواقع ممتاز عن الآخر ، ولذا لو فرض تمييزهما اختص كل منهما بماله. وأمّا الاختلاط مع التميز ، فلا يوجب الشركة ولو ظاهراً (١) إذ مع الاشتباه مرجعه الصلح القهري (٢) أو القرعة.
______________________________________________________
ولا يبعد أن يكون مزج الحنطة بالحنطة والحنطة بالشعير من هذا القبيل ، حيث تكون كل حبة من الخليط مملوكة لصاحبها ، ولا موجب للقول بالشركة ، بعد أن لم يكن العرف يراهُ موجوداً واحداً في قبال الموجودين السابقين.
نعم ، في دقيقهما لا يبعد حكم العرف بوحدة الموجود بالفعل.
والحاصل ففي فرض عدم اعتبار العرف للموجود الخارجي بالفعل موجوداً واحداً ، يبقى كلّ من المالين على ملك مالكه. وحينئذ فلا بدّ في مقام التمييز من الرجوع إلى الصلح القهري ، أو القرعة ، على ما سيأتي.
(١) كما هو واضح ، لعدم الموجب لها.
(٢) والمراد به إجبار الحاكم لهما على الصلح بالتراضي ، وإلّا فالصلح لا يكون قهراً. فإن تعاندا ينتهي الأمر إلى القرعة ، حيث إنها لكل أمر مشكل ، ومع إمكان التصالح لا إشكال. وأما احتمال اشتراكهما فيه فبعيد جدّاً ولا موجب له.
وتفصيل الكلام في المقام أن يقال : إنه إذا امتزج المالان ، فإن أمكن الفرز والتمييز فلا خلاف ولا إشكال ، حيث يجب ذلك ولا تصل النوبة إلى الشركة أو الصلح أو القرعة.
وإن لم يمكن التخليص إلّا بكلفة بالغة ، كما إذا امتزج طنّ من الحنطة بطنّ من الشعير ، حيث قد تزيد اجرة الفرز عن قيمة المالين معاً. وحينئذٍ فإن تصالح المالكان فهو ، وإلّا أجبرهما الحاكم عليه ، ويكون ذلك صلحاً قهرياً. فإن امتنعا باشر الحاكم ذلك بنفسه ، حفظاً لمال المسلم عن التلف ، حيث يريد كل منهما إتلاف مال الآخر بمنعه من التصرّف فيه وأخذه لنفسه.
وأما القرعة في المقام فلا موضوع لها ، لأنها لرفع الاشتباه ، ولا اشتباه في المقام بعد