ولعل هذا مراد الشهيد في المسالك من عدم جواز المزارعة في الأراضي الخراجية التي هي للمسلمين قاطبة ، إلّا مع الاشتراك في البذر أو بعنوان آخر. فمراده هو فيما إذا لم يكن للمزارع جهة اختصاص بها (١) وإلّا فلا إشكال في جوازها بعد الإجارة من السلطان ، كما يدلّ عليه جملة من الأخبار.
[٣٤٩٤] مسألة ٢ : إذا أذن لشخص (*) في زرع أرضه على أن يكون الحاصل بينهما بالنصف أو الثلث أو نحوهما ، فالظاهر صحّته وإن لم يكن من المزارعة المصطلحة (٢)
______________________________________________________
(١) ذكره صاحب الجواهر (قدس سره) أيضاً (١) إلّا أنه بعيد جدّاً ، إذ الشهيد (قدس سره) قد رتّب حكمه هذا على اعتبار الملكيّة صريحاً (٢).
إذن فالصحيح أن يقال : إنّ ما أفاده الشهيد (قدس سره) في المسالك من سهو قلمه الشريف. إذ لا دليل على اعتبار الملكيّة في المزارعة ، بل الدليل قائم على عدمه ففي صحيحة محمد بن مسلم المتقدِّمة الحكم بصحّة المزارعة على الأرض المستأجرة. بل وفي نصوص المزارعة في الأرض الخراجية ، ما فيه الكفاية لإثبات المدعى.
والحاصل أنّ المتعين في جميع الموارد المذكورة في المتن هو الحكم بالصحة ، ولا وجه لما أفاده الشهيد (قدس سره) من الحكم بالبطلان.
(٢) إلّا أنك قد عرفت غير مرّة ، عدم إمكان التمسك بالعمومات والمطلقات لإثبات الصحة لمثل هذه المعاملة ، تحت أي عنوان كانت الجعالة أو غيرها ، وإنّ صحتها تحتاج إلى دليل خاص.
والوجه فيه أن التزام مالك البذر إذا كان متعلقاً بكون الحاصل مشتركاً ومن حين حدوثه وحصوله بينه وبين صاحبه كما هو مقتضى الأدلّة في الزكاة فهو باطل ولا
__________________
(*) إذا كان مالك الأرض قاصداً بذلك إنشاء عقد المزارعة صحّ ولزم بقبول الزارع ولو قبولاً فعليّاً وأمّا إذا كان قاصداً مجرّد الإباحة لم يصح بعنوان المزارعة ، وبذلك يظهر الحال في الفروض الآتية.
(١) الجواهر ٢٧ : ٣٣.
(٢) مسالك الافهام ٥ : ١٢.