بل لا يبعد كونه منها أيضاً (١). وكذا لو أذن لكل من يتصدّى للزرع وإن لم
______________________________________________________
أثر له ، فإنه غير مشروع في نفسه لمخالفته للكتاب والسنّة ، فإن النتاج تابع للبذر في الملكيّة ، فلا يمكن ان يكون ولو بعضاً ملكاً للغير حين حدوثه.
فهو نظير ما لو التزم أحد في عقد بكون ما يتركه أبوه عند وفاته كلّاً أو بعضاً لغيره ، فإنّ هذا الالتزام لا يكون نافذاً ، ولا يشمله قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ).
وإن كان التزامه متعلقاً بتمليك ما سيملكه بعد ذلك ، بأن يلتزم بانتقال نصف الحاصل مثلاً إلى صاحبه بعد انتقاله بتمامه إليه أوّلاً ، بحيث يملك صاحبه من الآن الأمر المتأخر ، فهو وإن لم يكن مخالفاً للكتاب والسنة ، إلّا أنه القدر المتيقن من إجماعهم على بطلان التعليق في العقود. بل لم يقع مثله إلّا في الوصية ، حيث إنها ولإطلاقات أدلّتها تعمّ ما يملكه الموصي بعدها إلى حين الوفاة ، وأما في غيرها فلم يقع بتاتاً حتى في التعبير ، إذ لا يصح أن يقول : العبد الذي سأملكه غداً حر بعد وفاتي.
وهذا الكلام غير مختص بباب المزارعة ، فإنه كما لا يجوز فيها لا يجوز في غيرها من أنواع المعاملات أيضاً حتى ولو كان ذلك بعنوان الجعالة ، فلا يصحّ أن يجعل لمن يرجع عبده إليه ثلث ما سيملكه في المستقبل أو ثلث ما ستخرجه أرضه.
ومن هنا تكون صحّتها محتاجة إلى دليل خاص ، ولا يكفي فيها التمسك بالعمومات والإطلاقات ، فإنها غير شاملة له. وحيث لا دليل على الصحة إلّا في المضاربة والمزارعة والمساقاة ، فلا بدّ من الحكم بالبطلان ، لعدم المخرج له عن عموم المنع.
ولذا لم يلتزم أحد من الأصحاب فيما نعلم بصحّة مثل ذلك في غير المزارعة من العقود.
والحاصل أنّ الصحيح في المقام هو الحكم بالبطلان ، لعدم الدليل على الصحة. ومن هنا فلا يستحقّ العامل إلّا اجرة مثل عمله.
(١) بل هو في غاية البعد. فإنّ المزارعة من العقود اللازمة على ما سيأتي ـ