.................................................................................................
______________________________________________________
المجانية ، حيث ذكرنا في مبحث تعاقب الأيدي أنّ الذي يخسر نتيجة لأخذ المالك منه البدل ، يملك المال التالف ببناء العقلاء ، ولذا يكون له الرجوع على الذي بعده إلى أن يستقر على الذي استوفاه وتلف عنده ، ما لم يكن قد سلّمه إليه بعنوان المجانية ، فإنه حينئذٍ لا حقّ له في الرجوع عليه.
ثمّ إنّ مما ذكرناه يظهر حكم ما لو رجع المالك على العامل مباشرة ، فإنّ له الرجوع على الغاصب صاحب البذر بأُجرة مثل عمله مضافاً إلى ما غرمه للمالك.
هذا كله فيما إذا كانت الأرض بيد الغاصب وتحت سلطانه. وإلّا كما لو كان المزارع قد استلمها من غيره ، فليس للعامل الرجوع عليه فيما إذا كان البذر له العامل بما غرمه للمالك من اجرة الأرض ، ما لم يكن مغروراً من قبله إجماعاً ، فإنّ الأرض لم تقع تحت يده كي يلزمه ضمانها بأُجرة مثلها. وأما إذا كان مغروراً من قبله ، فقد قيل بأنّ له الحق في الرجوع عليه لقاعدة الغرور ، إلّا أنك ستعرف قريباً أنه لا أساس لهذه القاعدة يعتمد عليه.
ثمّ إن هذا كله من جهة ضمان الأرض والبذر ، وأما ضمان العمل فلم يتعرض له الماتن (قدس سره). والحق فيه أن يقال : أما إذا كان البذر للعامل ، فلا يضمن له أحد بإزاء عمله شيئاً ، لأنه إنما كان لنفسه ومجاناً ، وقد استوفى منافعه أيضاً حيث كان النتاج له. ومن هنا فلا معنى لأن يرجع به على غيره.
وإن كان البذر للآمر ، فلا يذهب عمل العامل فيه هدراً ، لأنه عمل مسلم محترم صدر عن أمر الغير بإزاء الحصّة المعيّنة من الحاصل فلم يكن مجانياً ، وقد استوفاه الآمر فلا بدّ من ضمانه.
إلّا أن مقدار الضمان يختلف باختلاف الفرض.
فقد يفرض أنه ليس للعامل إلّا العمل المجرّد ، بأن يكون المالك قد رجع عليه بأُجرة مثلها ، أو يكون قد رجع على العامل لكنه قد رجع عليه وأخذها منه.
وحينئذٍ فلا يكون له إلّا قيمة العمل المجرد فقط ، يرجع بها على الآمر الذي استوفى المنافع بأكملها بما في ذلك الحصّة المجعولة للعامل ، نظراً لفساد العقد.