بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
كتاب المضاربة
وتسمّى قراضاً عند أهل الحجاز. والأوّل من الضرب ، لضرب العامل في الأرض لتحصيل الربح ، والمفاعلة باعتبار كون المالك مسبّباً له والعامل مباشراً (١).
______________________________________________________
(١) ما أفاده (قدس سره) إنما هو لتوجيه صدق المفاعلة في المضاربة ، حيث إنّ باب المفاعلة يقتضي صدور الفعل من اثنين ، وهو غير متحقّق في المقام ، فإن القرض إنّما يكون من المالك خاصّة ، والضرب من العامل فقط.
غير إنّنا ذكرنا في مباحث المكاسب ، أنّ هيئة المفاعلة وإن اشتهر وضعها للدلالة على صدور المادّة من اثنين ، إلّا أنه لا أساس له. فإنها لا تدلّ إلّا على قيام الفاعل وتصدّيه نحو تحقيق المادة في الخارج ، سواء أتحقّق ذلك أم لم يتحقق ، فيقال : خادعته فلم ينخدع. والشواهد على ذلك كثيرة ، حيث تستعمل هذه الهيئة ولا يراد منها سوى تصدي الفاعل ولوحدة للفعل ، فيقال : سايرته ودافعته ولو كان الطرف الآخر واقفاً لا يتحرك وطالعت وناولته إلى غير ذلك.
نعم ، قد تقتضي المادّة في بعض الموارد القيام في اثنين ، كالمساواة والمقابلة والمحاذاة والمشاركة وغيرها ، حيث إنها لا تتحقّق إلّا بطرفين ، غير أنّ ذلك أجنبي عن الهيئة وإنما هو من خصوصيات المادّة.
والذي يدلّنا على ما ندّعيه قوله تعالى (يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ) (١). فإنها تدلّنا على عدم اتحاد مفهوم (خادع)
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ٩.