هذا مع أنها من المعاملات العقلائية ، ولم يرد نهي عنها (١) ولا غرر فيها حتى يشملها النهي عن الغرر.
ويشترط فيها أُمور :
الأوّل : الإيجاب والقبول (٢). ويكفي فيهما كل لفظ دالّ على المعنى المذكور (٣) ماضياً كان أو مضارعاً أو أمراً ، بل الجملة الاسمية مع قصد الإنشاء ، بأيّ لغة كانت. ويكفي القبول الفعلي بعد الإيجاب القولي ، كما أنه يكفي المعاطاة (٤).
______________________________________________________
(١) ظهر الجواب عن ذلك فيما تقدم. فإنّ كلّ معاملة لا تكون من التجارة عن تراض ، تكون منهياً عنها بمقتضى قوله تعالى (لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ) (١). ولمّا لم تكن هذه المعاملة منها ، لما عرفته من تضمنها لتمليك المعدوم ، كانت محكومة بالفساد لا محالة.
(٢) على ما يقتضيه كونها من العقود ، فإنها متقوّمة بالإيجاب والقبول والمعاهدة من الطرفين.
(٣) إذ ليس الإنشاء إلّا إبراز الاعتبار النفساني بمبرز في الخارج ، فيكفي كلّ ما قام بهذا الدور ، ما لم يرد الدليل على اعتبار لفظ معيّن بخصوصه.
(٤) وهو بناءً على ما اخترناه ، من كون صحة المعاطاة على القاعدة ، واضح. وأمّا بناءً على خلاف ذلك ، فالقول بصحتها في المقام يحتاج إلى الدليل الخاص.
ومن هنا فقد استشكل فيها بعضهم ، من جهة أنها ليست كسائر المعاملات ، فإنها تختلف عنها بلحاظ غرريتها ، واحتمال عدم تحقق الحاصل فيها بالمرة أو قلّته.
وقد أُجيب عنه في بعض الكلمات بكفاية العمومات والإطلاقات للحكم بصحتها في الفرض ، فإنها شاملة لها على حدّ شمولها لسائر المعاملات.
إلّا أنه مردود بما عرفته غير مرة ، من أنّ العمومات والإطلاقات لا تشمل مثل هذه المعاملة المتضمنة لتمليك المعدوم بالمرة. وعليه فلا يمكن التمسك بها لإثبات مشروعيتها ، فضلاً عن القول بعدم اعتبار اللفظ فيها.
__________________
(١) سورة النساء : ٢٩.