[٣٦٠٤] مسألة ٣٧ : اختلفوا في جواز ضمان مال الجعالة قبل الإتيان بالعمل وكذا مال السبق والرِّماية ، فقيل بعدم الجواز ، لعدم ثبوته في الذمّة قبل العمل.
والأقوى وفاقاً لجماعة الجواز (*) (١) لا لدعوى ثبوته في الذمّة من الأوّل وسقوطه إذا لم يعمل ، ولا لثبوته من الأوّل بشرط مجيء العمل في المستقبل ، إذ الظاهر أنّ الثبوت إنما هو بالعمل ، بل لقوله تعالى (وَلِمَنْ جاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ) (**) (٢)
______________________________________________________
الموسر لدين المعسر ويجوز مطالبته به جزماً ، وإن لم يكن يجوز مطالبة المضمون عنه به لإعساره.
والحاصل أنّ كلّ حكم تابع لموضوعه سعة وضيقاً ، وليس عدم زيادة الفرع على أصله قاعدة ثابتة يجوز التعويل عليها في تخصيص عمومات الأحكام وإطلاقاتها.
بل ذكر في الجواهر أنّ الصحّة هنا أولى منها في العقود الجائزة كبيع الخيار ونحوه حيث لا مجال فيما نحن فيه لإعمال الخيار بعد الضمان ، نظير انعتاق العبد به مباشرة ، وإعمال الخيار فرع عبوديته. بخلاف الحال في العقود الجائزة ، حيث يجوز له اعمال خياره حتى بعد الضمان ، فيرتفع العقد ويبطل الضمان.
(١) بل الأقوى هو التفصيل بين الجعالة من جهة والسبق والرماية من جهة أُخرى ، على ما سيأتي تفصيله.
(٢) وفيه : إنّ الآية الكريمة أجنبية عن محل الكلام. إذ الكلام إنما هو في الضمان بالمعنى المصطلح ، أعني نقل المال الثابت في ذمّة شخص إلى ذمّة غيره ، والمستلزم لتغاير الضامن والمضمون عنه الجاعل في الفرض. في حين إن ظاهر الآية الكريمة اتحاد الضامن والجاعل ، ومن هنا فلا بدّ من حمل الضمان فيها على تأكيد الجعل والتزامه به ، فتكون خارجة عن المعنى المبحوث عنه ، كما هو واضح.
ثمّ لو تنزلنا وسلمنا دلالتها على المدّعى في الضمان ، فالتعدي عن موردها إلى غيره
__________________
(*) فيه إشكال ، والاحتياط لا يترك.
(**) سورة يوسف ١٢ : ٧٢.