بل لا يبعد الصحّة (١) فيما إذا قال : (أقرضني كذا وخذ عوضه من زيد) فرضي ورضي زيد أيضاً ، لصدق الحوالة ، وشمول العمومات ، فتفرغ ذمّة المحيل وتشتغل ذمّة المحال بعد العمل وبعد الإقراض.
الخامس : أن يكون المال المحال به معلوماً جنساً وقدراً للمحيل والمحتال ، فلا تصحّ الحوالة بالمجهول على المشهور ، للغرر.
ويمكن أن يقال بصحّته إذا كان آئلاً إلى العلم (٢) كما إذا كان ثابتاً في دفتره ، على حدّ ما مرّ في الضمان من صحّته مع الجهل بالدَّين. بل لا يبعد الجواز مع عدم أوّله إلى العلم بعد إمكان الأخذ بالقدر المتيقّن (٣). بل وكذا لو قال : (كل ما شهدت به البينة وثبت خذه من فلان) (٤).
نعم ، لو كان مبهماً كما إذا قال : (أحد الدَّينين اللّذَين لك عليَّ خذه من فلان) بطل (٥). وكذا لو قال : (خذ شيئاً من دَينك من فلان). هذا ولو أحال الدّينين على
______________________________________________________
(١) بل هي بعيدة غاية البعد ، لما عرفته في سابقه. فإنه من أظهر مصاديق ضمان ما لم يجب ، المحكوم بعدم المعقولية على تقدير ، والبطلان على تقدير آخر.
(٢) إذ لا دليل على اعتبار نفي الغرر مطلقاً وفي جميع الموارد ، فإنّ الثابت اعتباره في خصوص البيع ، وقد ألحق به الأصحاب الإجارة وما شاكلها من العقود.
على أنه لا غرر في المقام. فإنّ الحوالة ليست إلّا تبديلاً لمكان الدَّين ونقله من ذمّة المحيل على واقعة إلى ذمّة المحال عليه ، وهو لا يستلزم خطراً على أحد طرفي العقد فإنّ المحتال سيأخذ ما كان له بحسب الواقع على المحيل ، وينقص ذلك من دين المحيل على المحال عليه.
(٣) لما تقدّم.
(٤) لما تقدّم أيضاً.
(٥) إذ المردد والمبهم مما لا واقع له حتى في علم الله تبارك وتعالى ، وما هو كذلك لا يقبل النقل من ذمّته إلى ذمّة غيره ، إذ الثابت في الذمّة أمر معيّن غير مردّد.