[٣٤١٢] مسألة ٢٣ : قد عرفت الفرق بين المضاربة والقرض والبضاعة. وأنّ في الأوّل الربح مشترك ، وفي الثاني للعامل ، وفي الثالث للمالك.
فإذا قال : خذ هذا المال مضاربة والربح بتمامه لي ، كان مضاربة فاسدة (١) إلّا إذا علم أنه قصد الإبضاع (٢) فيصير بضاعة. ولا يستحقّ العامل أُجرة (٣) إلّا مع
______________________________________________________
وبعبارة اخرى : إن أساس المضاربة قائم على أن لا تتوجّه خسارة على العامل بوجه من الوجوه. فهو إما أن يأخذ شيئاً وذلك على تقدير ظهور الربح ، وإما أن لا يكون له شيء ، وإما تحمّله للخسارة من كيسه الخاص فهو خارج عن عنوان المضاربة.
نعم ، لو كان الفسخ من قبله تحمل هو نفقات رجوعه ، حيث إنه جاء من قبله والمالك لم يلتزم بنفقاته حتى على تقدير فسخه هو للعقد.
(١) لفساد الشرط ، حيث إنه مخالف لمقتضى العقد ولا يجتمع معه ، وليس هو كاشتراط أمر خارجي حتى لا يكون فساده سارياً إلى العقد نفسه ، فإنّ بينهما بوناً بعيداً. فإنّ في المقام لما لم يكن المنشئ قد أنشأ العقد مطلقاً وإنما أنشأه مع شرطٍ منافٍ ، كان ذلك من إنشاء أمر لا يتحقق في الخارج ، فهو في إنشائه فرض عدمه ، حيث اعتبر عنوان المضاربة وكون الربح مشتركاً بينهما على أن لا يتحقق ذلك في الخارج ، فيحكم ببطلانه حيث لا يقبل الإمضاء.
ومن هنا يظهر أن البحث الكلي في سراية الفساد من الشرط إلى العقد وعدمه غير شامل للشرط المخالف لمقتضى العقد ، فإنه محكوم بالبطلان جزماً ، نظراً لاعتبار المالك عدمه في ضمن وجوده ، لأنه أنشأه على أن لا يتحقق في الخارج.
(٢) فيحكم بصحّته ، لأنه حينئذ ليس بمضاربة ، وإنما أتى المنشئ بلفظها غلطاً أو مجازاً أو جهلاً بمفاهيم الألفاظ.
(٣) باعتبار أنّ العمل لم يصدر عن أمره الضماني ، فإنه لم يأمر به بضمان وإنما أمره به مجاناً ، فلا وجه لاستحقاق العامل الأُجرة عليه.