بل لو جعل الحصّة للعامل في المضاربة الثانية أقل مما اشترط له في الأُولى ، كأن يكون في الأُولى بالنصف وجعله ثلثاً في الثانية ، لا يستحقّ تلك الزيادة ، بل ترجع إلى المالك. وربّما يحتمل جواز اشتراط شيء من الرّبح ، أو كون الزيادة له. بدعوى أنّ هذا المقدار ، وهو إيقاع عقد مضاربة ثمّ جعلها للغير ، نوع من العمل يكفي في جواز جعل حصّة من الربح له. وفيه : إنه وكالة لا مضاربة (١).
والثاني أيضاً لا مانع منه (٢). وتكون الحصّة المجعولة له في المضاربة الأُولى مشتركة بينه وبين العامل الثاني ، على حسب قرارهما.
وأما الثالث فلا يصحّ (٣) من دون أن يكون له عمل مع العامل الثاني ، ومعه يرجع إلى التشريك.
[٣٤٢١] مسألة ٣٢ : إذا ضارب العامل غيره مع عدم الإذن من المالك ، فإن أجاز المالك ذلك كان الحكم كما في الإذن السابق في الصور المتقدِّمة ، فيلحق كلّاً حكمهُ (٤). وإن لم يجز بطلت المضاربة الثانية.
وحينئذ فإن كان العامل الثاني عمل وحصل الرّبح ، فما قُرِّر للمالك في المضاربة
______________________________________________________
ومنه يظهر الحال فيما أفاده (قدس سره) ، فيما لو جعل الحصّة للعامل في المضاربة الثانية أقلّ مما اشترط له في الأُولى ، فإنه من مصاديق اشتراط بعض الربح لنفسه أيضاً.
(١) وبعبارة اخرى : إنّ مطلق العمل لا يوجب استحقاقه شيئاً من الرّبح ، وإنما الذي يقتضيه هو العمل تجارة مع ظهور الرّبح فيه ، وليس هذا منه.
(٢) فإنّ العقد الثاني لما كان وبحسب الفرض بإذن المالك ورضاه ، كان مرجعه إلى تعدّد العامل المضارب في المضاربة الأُولى بعد أن كان متحداً حدوثاً.
(٣) فإنّ العامل أجنبي عن مال المضاربة ، فلا يحقّ له تسليط الغير عليه بإنشاء العقد عليه معه ، فإنّ ذلك من مختصّات المالك أو من يقوم مقامه.
(٤) لانتساب العقد الصادر فضولة بالإجازة إلى المجيز ، فيكون العقد عقده ، ومن ثمّ يترتب عليه الآثار.