.................................................................................................
______________________________________________________
والحاصل أنّ الصحة في هذه الموارد التي ليس فيها شيء مملوك للمملك بالفعل يملكه لغيره ، تحتاج إلى دليل خاص ، فإن كان فهو ، وإلّا فالقاعدة تقتضي البطلان. نظير ما تقدّم في إجارة الأرض بحاصلها ، أو بيع ما سيرثه من مورثه ، فإنها غير مشمولة لأدلّة التجارة عن تراضٍ ، وصحّتها على خلاف القاعدة ، فلا بدّ لإثباتها من دليل خاصّ ، وإلّا فهي محكومة بالفساد.
على أن المضاربة تزيد على غيرها في الإشكال ، بأنها لا تنحصر غالباً بالتجارة مرّة واحدة ، بل تكون من التجارة المستمرة والمتعددة.
وعلى هذا فلو فرض أنّ رأس المال مائة دينار وكان للعامل نصف الربح ، فاتجر العامل به واشترى سلعة بمائة دينار ثمّ باعها بمائتي دينار ، كان مقتضى العقد اختصاص المالك بمائة وخمسين ديناراً واختصاص العامل بخمسين ديناراً فقط.
فلو اشترى بعد ذلك شيئاً بمائتي دينار ثمّ باعه بأربعمائة دينار ، فمقتضى العقد ان يكون للعامل مائة وخمسون ديناراً وللمالك مائتان وخمسون ديناراً. وهو مخالف للقاعدة من حيث أن المائتين ديناراً الحاصلة من التجارة الثانية ، إنما هي ربح لمجموع خمسين ديناراً حصّة العامل ، ومائة وخمسين ديناراً حصّة المالك. ومقتضى القاعدة أن يكون ربع هذا المبلغ له ، والثلاثة أرباع الباقية بينه وبين المالك.
وهذا يعني أن يكون للعامل من مجموع الأربعمائة مائة وخمسة وسبعون ديناراً وللمالك منه مائتان وخمسة وعشرون ديناراً فقط ، والحال أنه لا يأخذ إلّا مائة وخمسين ديناراً. ولازمه أن يكون ربح العامل أيضاً مناصفة بينه وبين المالك ، وهو على خلاف القاعدة ، حيث إنّ المالك لم يعمل فيه شيئاً ، بل ذلك المال حصّة العامل بتمامه والعمل فيه من العامل ، فلا وجه لأن يكون للمالك نصف ربحه.
ومن هنا فلو كنا نحن والقاعدة ، ولم يكن هناك دليل على الصحة ، لالتزمنا بفساد عقد المضاربة بقول مطلق ، وإنما قلنا بالصحة فيها للنصوص الخاصّة. وعليه فلا بدّ في تحديد ما يعتبر في الحكم بالصحة من اتّباع دلالتها ، فبمقدار تلك الدلالة يحكم بالصحة ، والباقي بما في ذلك المشكوك يبقى على أصل الفساد.
وعليه فنقول : أما بالنسبة إلى الدَّين ، فيكفي في الحكم بفساد المضاربة به معتبرة