الغالب التفاوت فيهما ـ أيضا ـ بلا شبهة.
وأمّا إذا تجاوز عن العشرة فالمتجاوز عنها ليس بحيض قطعا ، بل هو من آفة جزما ، فالظاهر أنّ غير المتجاوز أيضا كذلك ، إذ كيف يجوز عاقل بأنّه آن التجاوز ووقته وحينه يكون طهرا جزما ، والآن المتّصل بذلك الآن بلا فصل أصلا والحين الممتزج بذلك الحين من دون امتداد مطلقا يكون حيضا؟ مع نهاية الاتّصال والقرب والمزج ، بل لا شكّ في الاتّحاد عرفا ولا شبهة في الامتزاج عندهم جزما.
بل القطع حاصل عندهم بأنّ الدم في هذين الآنين المتّصلين الممتزجين دم واحد من مخرج واحد ، وقس على هذا الآن المتّصل بالآن المتّصل ، والآن المتّصل بالآن المتّصل بالآن المتّصل الأوّل ، وهكذا إلى أن ينتهي إلى أيّام العادة ، فظهر ـ ظهورا تامّا ـ أنّ العادة اتّصلت وامتزجت بالعيب والآفة ، بل حصل اليقين بذلك ، بل لا تأمّل في ذلك.
ويعضده بقاء العادة على حالها وحكمها ، وأنّ العادة تورث قوّة الظنّ شرعا ، واعتبارا سديدا ، ومعتبرة عندهما اعتبارا أكيدا شديدا ، كما ظهر ممّا مرّ في ترجيح العادة على التمييز والصفة ، وما يجيء في المضطربة وغيرها.
وبالجملة ؛ يظهر من تتبّع تضاعيف الأخبار أنّ العادة مرجع ومحكّم البتة في صورة تحقّق الآفة ، وثبوت اجتماع العادة مع الاستحاضة.
والحاصل ؛ أنّ العادة حجّة شرعيّة معتبرة شرعا وعرفا ، كما أنّ ما يمكن أن يكون حيضا فهو حيض أيضا كذلك ، والحجّتان توافقتا في قدر العادة ، وتعارضتا فيما زاد عنها بالقدر المخالف لعادة النساء ، فلا تعارض فيما هو أقلّ ، مثل أن تكون ساعة أو أزيد ، بل وفي قدر اليوم أيضا (١) ، بل وفي اليومين أيضا.
__________________
(١) لم ترد في (ز ١ ، ٢) و (ط) : أيضا.