ولا يمكن للشيعة صلاة واحدة بالنحو المذكور ، فضلا عن لزوم فعلها في كلّ جمعة ، لنهاية تشديدهم ، وخصوصا أن يصلّوا بطريقة الشيعة ، وخطبة الشيعة ، وترك بدع العامّة ، على حسب ما ورد في صحاح أخبارنا ومعتبرتها.
وأيضا في جميع هذه الأخبار الكثيرة لم يتعرّضوا أصلا لذكر الشرائط المسلّمة ، واكتفوا بأنّ الجمعة واجبة على كلّ شخص ، ونفس وجوب الجمعة من بديهيّات الدين ، ولا هكذا حال الشرائط.
وكون الشرائط عند الشيعة أجلى من نفس وجوب الجمعة ، حتّى أنّهم احتاجوا إلى معرفة نفس الوجوب ، ولم يحتاجوا إلى معرفة الشرائط ؛ فيه ما فيه ، مع أنّ كون شيء شرطا في وجوب الجمعة فرع معرفة وجوب الجمعة جزما.
وإن بنوا على أنّ المقام في هذه الأخبار لم يكن مقام الحاجة ، ولذا لم يذكروا الشرائط ، وتأخير البيان عن غير وقت الحاجة جائز ، مع أنّ الرواة في أوقات أخذ هذه الأخبار (١) كانوا في المدينة ، وفعل الجمعة في المدينة بطريقة الشيعة خلف الإمام منهم لا شكّ في أنّه كان مقطوعا بفساده ، بل في الكوفة أيضا على النحو الذي يقتضي الجهار والاشتهار ، وعدم اطّلاع أهل السنّة وحكّامهم وإمامهم وقضاتهم ورؤسائهم ، أو واحد منهم ، بل وعدم اطّلاع من لم يكن على لسانه الأوكية ، سيّما على الوجه الذي ذكر في الصحاح من وجوب حضور جميع الشيعة من جميع الأطراف إلى فرسخين ، وغير ذلك ممّا أشرنا.
ففيه ؛ أنّه على هذا لا وجه لاستدلالهم أصلا ، لعدم الدلالة على عدم اشتراط شيء أصلا ، فضلا عن الإمام المنصوب.
فإن قلت : وجه استدلالهم أنّ المستفاد من الصحاح وجوب الجمعة على كلّ
__________________
(١) في (ز ١) : الأحاديث.