[٣٦٩٩] مسألة ٦ : إذا كان المفضي صغيراً أو مجنوناً ، ففي كون الدية عليهما أو على عاقلتهما إشكال ، وإن كان الوجه الثاني لا يخلو عن قوة (١).
______________________________________________________
(١) بل هو المتعيّن ، وذلك لأنّ مقتضى قوله تعالى (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفّارَةٌ لَهُ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظّالِمُونَ) (١) هو ثبوت القصاص في الجنايات مطلقاً.
إلّا أننا وبفضل الأدلّة الواردة في باب الجنايات قد خرجنا عن هذا الإطلاق حيث قيّد بما إذا كان القصاص ممكناً ، وكانت الجناية عمدية. وأما في غيرها فإن كانت الجناية شبيهة بالعمد ، أو كان القصاص غير ممكن ، فالدية يتحملها الجاني نفسه. وإن كانت الجناية خطأ فالدية أيضاً إلّا أنّها يتحملها العاقلة ، بمعنى أنّه يجب عليهم فكّ ذمة الجاني تكليفاً.
وهذا هو الثابت في باب الجنايات على نحو الكلية ، إلّا أنّه قد وردت عدّة نصوص لفرض بعض الصغريات تعبداً ، نظير ما ورد في الصبي من أنّ عمده وخطأه واحد (٢) وقريب منه ما ورد في المعتوه (٣). وحيث أنّ هذه الأدلّة تكون حاكمة على تلك ، فلا بدّ من رفع اليد عما ثبت بنحو الكلية في باب الجنايات في هذه الموارد ، والعمل على وفق هذه الأدلّة ، فيكون الحاصل أنّ جناية الصبي والمجنون تكون على العاقلة مطلقاً.
نعم ، ذكر بعضهم أنّه لا يمكن تصوّر الإفضاء الخطائي ، فإنّه إما يقع عمداً أو شبه عمد. إلّا أنّه كما تراه في حيّز المنع ، فإنّه يتحقق فيمن يقصد التفخيذ فيدخل بها خطأ كما يتحقق فيما لو رمى المكلف سهماً فأصاب امرأة فأفضاها ، فإنّه يتحقق به الإفضاء الخطائي كما هو واضح ، وإن كان تحقّق الثاني في الخارج نادراً ، إلّا أنّ الندرة لا تؤثر شيئاً بعد أن كانت الأحكام الشرعية على نحو القضايا الحقيقية لا الخارجية.
ثم لا يخفى أنّ ثبوت الدية على العاقلة في الجناية الخطئية ليست بمعنى وجوبها
__________________
(١) سورة المائدة ٥ : ٤٥.
(٢) الوسائل ، ج ٢٩ كتاب الديات ، أبواب العاقلة ، ب ١١.
(٣) الوسائل ، ج ٢٩ كتاب الديات ، أبواب العاقلة ، ب ١١.