وكذا لا تحرم المحللة (١) لأحدهما على الآخر إذا لم تكن مدخولة (٢).
______________________________________________________
(١) فإنّ مجرد التحليل لا يزيد عن مجرد الملكية ، وقد عرفت أنّ الثاني لا يقتضي التحريم فيكون الأمر في المقام كذلك ، وحيث لا دليل على إلحاق التحليل بالملك فتشملها عمومات الحل.
نعم ، خالف في ذلك بعض حيث اختار الحرمة فيها ، تمسكاً بإطلاق قوله (عليه السلام) في صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة : «إذا جرّد الرجل الجارية ووضع يده عليها فلا تحلّ لابنه» فإنّ مقتضى إطلاقه عدم الفرق بين كون الجارية مملوكة له أو محللة.
وفيه : أنّ هذه الصحيحة معارضة بموثقة علي بن يقطين المتقدمة أيضاً ، حيث دلّت على الجواز مطلقاً ومن غير تقييد بما إذا كانت الأَمة مملوكة للفاعل ، فتتعارضان لأنّ النسبة بينهما هو التباين. لكن لما قيدت موثقة علي بن يقطين بالأخبار التي دلت على ثبوت الحرمة فيما إذا كانت الجارية مملوكة له ، كان مدلولها هو الجواز فيما إذا لم تكن الجارية مملوكة له ، وبذلك تنقلب النسبة بينها وبين صحيحة محمد بن مسلم إلى المقيد والمطلق ، فتقيد إطلاق الصحيحة لا محالة ، وعندئذ يكون مدلول الصحيحة هو عدم الجواز فيما إذا كانت الجارية مملوكة له خاصة.
(٢) وإلّا فتثبت الحرمة ، لقوله (عليه السلام) في صحيحة زرارة المتقدمة : «إذا أتى الجارية وهي له حلال ، فلا تحلّ تلك الجارية لابنه ولا لأبيه» فإنّ مقتضى إطلاقه هو عدم الفرق بين كون الوطء بتزويج أو ملك يمين أو تحليل.
وأما الاستدلال على المدعى بقوله تعالى (وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ) فقد عرفت ما فيه ، باعتبار أنّ كلمة النكاح ولا سيما إذا وقعت في سياق النهي ظاهرة في التزويج دون الوطء.
ثم لا يخفى أنّ مقتضى إطلاق قوله (عليه السلام) في صحيحة زرارة : «إذا أتى الجارية وهي له حلال ، فلا تحلّ تلك الجارية لابنه ولا لأبيه» عدم اختصاص الحكم بما إذا كان الإتيان عن تزوج أو ملك يمين أو تحليل ، بل يثبت الحكم حتى ولو كان ذلك عن شبهة ، نظراً إلى صدق ذلك عليه.