.................................................................................................
______________________________________________________
وفيه : أنّ الاستدلال بها تارة يكون بملاحظتها في حدّ نفسها ومع قطع النظر إلى النصوص الواردة في تفسيرها ، وأُخرى بملاحظتها منضمة إلى تلك النصوص.
فإن كان الأوّل ، فلا يخفى أنّه لم يثبت كون المراد بالزينة مواضعها ، بل الظاهر من الآية الكريمة إرادة نفس ما تتزين به المرأة. ويؤيد ذلك قوله عزّ وجلّ في ذيل الآية (وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ ما يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ) فإنّ من الواضح أنّ ضرب الرجل على الأرض لا يوجب العلم بموضع الزينة ، وإنما الذي يوجبه هو العلم بنفس الزينة من الخلخال وغيره ، فإن ضرب الرجل يوجب حركتها وإيجاد الصوت فيعلم بها لا محالة.
ولو تنزّلنا عن ذلك وقلنا : إنّ المراد بالزينة هو مواضعها ، فلا يتمّ الاستدلال بالآية الكريمة أيضاً. وذلك فلأننا وإن قلنا : إنّ الأمر بالتستر واضح الدلالة على عدم جواز نظر الرجل إلى بدن المرأة ، إلّا أنّه لا يمكن القول بذلك في عكس القضية ، فإنّ جواز الإبداء لا يدل على جواز نظر الرجل إليها إذ لا ملازمة بينهما ، ويكفينا في إثبات ذلك ذهاب جماعة إلى حرمة نظر المرأة إلى الرجل والحال أنّه لا يجب عليه التستر.
فالحاصل أنّ الآية الكريمة على كلا التقديرين لا تدلّ على جواز نظر الرجل إلى وجه المرأة ويديها.
وإن كان الثاني ، فالروايات وإن كانت صريحة في أنّ المراد بالزينة إنما هو مواضعها ، إلّا أنّه لا بدّ من التكلّم في معنى البداء كي يعرف منه معنى الآية الكريمة فنقول :
البداء بمعنى الظهور ، كما في قوله تعالى (بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما) (١). والإبداء بمعنى الإظهار ، فإذا كان متعلقاً بشيء ولم
يكن متعدياً باللّام يكون في مقابل الستر ، وإذا كان متعلقاً (٢) باللّام كان في مقابل الإخفاء بمعنى الإعلام والإراءة. كما يقال : يجب على الرجل ستر عورته وليس له إظهارها في ما إذا كان يحتمل وجود ناظر محترم
__________________
(١) سورة الأعراف ٧ : ٢٢.
(٢) كذا في الطبعة الاولى والصحيح (متعدياً).