.................................................................................................
______________________________________________________
وكذلك يقال : إنّ بدن المرأة كلّه عورة ، فيراد به ذلك. وأما إذا قيل : أبديت لزيد رأيي أو مالي ، فمعناه أعلمته وأريته.
ومن هنا يظهر معنى الآية الكريمة ، فإنّ قوله عزّ وجلّ أوّلاً (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّا ما ظَهَرَ مِنْها) إنما يفيد وجوب ستر البدن الذي هو موضع الزينة وحرمة كشفه ما عدا الوجه واليدين ، لأنهما من الزينة الظاهرة ، فيستفاد منه أنّ حال بدن المرأة حال عورة الرجل لا بدّ من ستره بحيث لا يطلع عليه غيرها ، باستثناء الوجه واليدين فإنهما لا يجب سترهما ، لكنك قد عرفت أنّ ذلك لا يلزم جواز نظر الرجل إليهما.
في حين إنّ قوله عزّ وجلّ ثانياً (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّا لِبُعُولَتِهِنَّ) ... يفيد حرمة إظهار بدنها وجعل الغير مطلعاً عليه وإراءته مطلقاً ، من دون فرق بين الوجه واليدين وغيرهما ، إلّا لزوجها والمذكورين في الآية الكريمة.
فيتحصّل من جميع ما تقدم : أنّ الآية الكريمة بملاحظة النصوص الواردة في تفسير الزينة تفيد حكمين :
الأوّل : حكم ظهور الزينة في حدّ نفسه ، فتفيد وجوب ستر غير الظاهرة منها دون الظاهرة التي هي الوجه واليدان.
الثاني : حكم إظهار الزينة للغير ، فتفيد حرمته مطلقاً من دون فرق بين الظاهرة والباطنة ، إلّا للمذكورين في الآية الكريمة حيث يجوز لها الإظهار لهم.
وحيث عرفت أنّ حرمة الإظهار ووجوب التستر تلازم حرمة النظر إليها ، فتكون الآية الكريمة أوْلى بالاستدلال بها على عدم الجواز من الاستدلال بها على الجواز.
ثانياً : صحيحة علي بن سويد ، قال : قلت لأبي الحسن (عليه السلام) : إنّي مبتلى بالنظر إلى المرأة الجميلة فيعجبني النظر إليها ، فقال : «يا علي ، لا بأس إذا عرف الله من نيتك الصدق ، وإياك والزنا فإنه يمحق البركة ويهلك الدين» (١).
وهذه الصحيحة هي عمدة ما استند إليه الشيخ الأعظم (قدس سره) في القول بالجواز (٢).
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب النكاح المحرم ، ب ١ ح ٣.
(٢) رسالة النكاح ٢٠ : ٥٣ ٥٤.