.................................................................................................
______________________________________________________
إلّا أنّه لا بدّ من حمل هذه الصحيحة كما هو ليس ببعيد على اقتضاء عمله لذلك ، وأنّ النظر إليها يكون اتفاقياً ، بمعنى أنّه يقع نظره عليها من دون قصد أو تعمّد.
وبذلك فتكون الصحيحة أجنبية عن محل الكلام ، ولا تدلّ على جواز تعمّد النظر إلى وجه المرأة ، وإلّا فلا بدّ من رد علمها إلى أهلها ، لأنّها دالّة على جواز النظر إليها حتى مع قصده التلذّذ من الأول ، كما يظهر من قوله : (فيعجبني النظر إليها) وهو مما لا يمكن الالتزام به ولم يقل به أحد منّا. على أنها غير مختصة بالوجه واليدين فتشمل الشعر أيضاً وهو مقطوع البطلان.
ومما يؤيد ما ذكرناه من حملها على عدم التعمد والقصد أنّ من البعيد جدّاً أن يفعل علي بن سويد على جلالة قدره وعظم شأنه ذلك قاصداً متلذّذاً ، ثم ينقله بكل صراحة للإمام (عليه السلام).
ثالثاً : صحيحة الفضيل ، قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن الذراعين من المرأة ، هما من الزينة التي قال الله (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلّا لِبُعُولَتِهِنَّ)؟ قال : «نعم وما دون الخمار من الزينة ، وما دون السوارين» (١).
وحيث إنّ الوجه مما لا يستره الخمار ، والكف فوق السوار لا دونه ، فتدلّ الصحيحة على جواز إبدائهما.
وفيه : ما تقدم من أنّ جواز الإبداء لا يلازم جواز النظر إليه ، فلا تدلّ هذه الصحيحة على جوازه.
على أن الصحيحة في الحرمة أظهر من الجواز ، فإنّ الظاهر أنّ المراد بـ «ما دون الخمار» هو ما يعمّ الوجه أيضاً لأنّه مما يكون على الرأس ، فيكون الوجه مما هو دونه لا محالة ، ولا مبرر لملاحظة الخمار من أسفله أعني ما يكون على الذقن كي يقال : إنّ ما دونه هو الرقبة خاصة ، بل ما دونه الوجه فما دون.
كما أنّ الظاهر بل الواضح أنّ المراد بـ «ما دون السوارين» هو ما يكون دونهما إلى أطراف الأصابع. وحمل ذلك على الفاصلة اليسيرة بينهما وبين الكفّ ، بحيث يكون
__________________
(١) الوسائل ، ج ٢٠ كتاب النكاح ، أبواب مقدمات النكاح ، ب ١٠٩ ح ١.