تفسير المفردات
القسوة : اليبس والصلابة ، يتفجر : يتفتح ويتشقق بكثرة وسعة ، ويهبط : يتردّى وينزل ، والخشية : الخوف.
المعنى الجملي
وصف الله حال بنى إسرائيل بعد أن رأوا من آياته التي آتاها موسى عليه السلام ما رأوا ، كانفجار الماء ورفع الجبل ، ومسخهم قردة وخنازير ، وإحياء القتيل إلى نحو ذلك ـ وصفهم بقساوة القلوب ، وضعف الوازع الديني فيها ، حتى أصبحت كالصمّ الصلاد ، بل أشدّ منها قسوة ، فلا أثر فيها لعاطفة عبرة ، ولا شعور لها بعظة ، فقد فقدت التأثر والانفعال ، وكأنّ أصحابها هبطوا من درجة الحيوان إلى دركات الجماد كالحجارة ، بل نزلوا إلى ما دونها ؛ فإن من الحجارة ما يتأثر فيشقّه الماء العذب الزّلال الذي يسيل أنهارا وجداول وعيونا يستقى منها الإنسان والحيوان ، ويحيى الأرض ، وينفع النبات ؛ ومنها ما ينحطّ من أعلى الجبل ، أو من أثنائه بحادث من حوادث الكون الهائلة كالبرا كين والزلازل والصواعق التي تدكّ الصخور وتدمّر الحصون.
أما هذه القلوب فلم تتأثر بالعظات والعبر ، ولم تستطع تلك النذر أن تشقها وتنفذ إلى أعماق الوجدان فيها ، وصارت لا تهزّها الآيات الكونية الرهيبة التي أظهرها الله على يد نبيه ، فقد كانوا مع كل ما يرونه لا يزدادون إلا عنادا ، وعتوّا في الأرض وفسادا.
الإيضاح
(ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) أي إن قلوبكم صلبت بعد إذ رأيتم الحق وعرفتموه ، واستكبرت عن الخضوع والإذعان لأمر الدين ، فهى كالحجارة صلابة ويبسا ، بل أشد منها.