.................................................................................................
______________________________________________________
بصحته. وهذا بخلاف المكره ، حيث يستند العقد إليه من حين وقوعه ، فيقال : باع فلان داره مكرهاً ، أو اشترى كذلك.
ومن هنا فإذا كان العقد المنتسب إليه حين وقوعه محكوماً بالفساد ، فصحته بعد ذلك تحتاج إلى الدليل ، وحيث لا دليل عليها في المقام يحكم بفساده لا محالة.
وفيه : أن دليل الفساد في المقام لا يدلّ عليه بنحو الإطلاق ، وإنما هو يقتضيه ما دام الموضوع أعني كون العاقد مكرهاً موجوداً ، فإذا ارتفع هذا العنوان وانتفى هذا الموضوع حكم بصحّة العقد لا محالة ، إذ العقد ليس هو الإيجاب والقبول كي يقال إنه أمر حادث وقد انعدم فلا مجال للحكم بصحته ، وإنما هو الالتزام بالاعتبار عن الرضا والاختيار. فإذا لم يكن ذلك مشمولاً لعموم أدلة نفوذ العقد ابتداءً ، لكونه مشمولاً لأدلّة فساد عقد المكره ، لم يمنع ذلك من الحكم بصحته استمراراً ، بعد ارتفاع العنوان الموجب لانتفاء شمول دليل الفساد له ، فتشمله أدلّة النفوذ لا محالة.
توضيح ذلك : أن دليل الفساد في عقد المكره قاصر عن إثبات الفساد حتى في فرض الرضا بالعقد بعد ذلك ، فإنّ حديث الرفع وارد مورد الامتنان ، فلا يقتضي إلّا الحكم بفساده ما دام الإكراه باقياً ، فإذا ارتفع ذلك حكم بصحته ، لارتفاع المقتضي وكون بقاء الحكم بالبطلان منافياً للامتنان.
ولأجل هذا ذكرنا في محله أن هذا الحكم لا يجري في مورد الاضطرار ، فيحكم بصحّة عقد المضطر وترتب جميع الأحكام الوضعية عليه ، نظراً إلى أن الحكم بالبطلان لحديث الرفع موجب لوقوع المكلف في المشقة الشديدة ، وهو منافٍ للامتنان.
لا يقال : إنّ هذا الكلام وإن تمّ في الزواج ونحوه ، حيث كان الدليل على فساده في صورة الإكراه هو حديث نفي الإكراه ، إلّا أنه لا يتمّ في مثل البيع ونحوه ، مما يكون الدليل على فساده قصور دليل الصحّة من الأوّل لكونه مقيداً بالتراضي ، على ما دلّت عليه الآية المباركة (١) بناءً على كون الاستثناء فيها متصلاً ، فإنّ مقتضاه هو الحكم
__________________
(١) سورة النساء ٤ : ٢٩.