.................................................................................................
______________________________________________________
به على خلاف ظاهر دليل الجواز ، فإنّ ظاهره إنما هو كون الجواز متفرعاً على الرضا لا أنه إذا أجاز العقد انكشف الجواز السابق ، ومن هنا فلا مجال للالتزام بهذا القول.
وأما الكشف الانقلابي ، بمعنى انقلاب العقد بعد الإجازة وثبوت الجواز من السابق ، فهو مضافاً إلى أنه لا دليل عليه غير معقول في نفسه ، لأن الشيء لا ينقلب عما وقع عليه والزمان المعدوم لا يمكن إيجاده ثانياً ، بلا فرق بين الأُمور التكوينية والأُمور الاعتبارية ، فإنه محال فيهما معاً.
ومن هنا فيتعين القول بالكشف الحكمي ، فيحكم بنفوذ العقد من حينه من الآن.
ولتوضيحه نقول : إنّ الشيء قد يكون موجوداً بالوجود الحقيقي الذي لا يختلف باختلاف الأنظار ، وقد يكون موجوداً بالوجود الاعتباري ، كالأحكام الوضعية والتكليفية. والأوّل ينقسم إلى قسمين : فإن الموجود بالوجود الحقيقي قد يكون موجوداً في الخارج كالأعيان ، وقد يكون موجوداً في النفس خاصة كمتعلق العلم فإنه موجود حقيقة غير إنّ وعاء وجوده إنما هو النفس دون الخارج.
والفرق بين الوجود الاعتباري والوجود الذهني هو أن الأوّل موجود في الخارج فإنه يتعلق بما هو موجود في الخارج لكن بالوجود الفرضي. في حين أنّ الثاني لا وجود له في الخارج ، بل ينحصر وجوده في الذهن خاصة ، فإنّ العلم لا يتعلق بما هو في الخارج ، وإنما يتعلق بصورته الحاضرة في الذهن ، كما هو واضح.
وأما الفرق بينهما وبين الوجود الخارجي الحقيقي ، فهو كامن في أن الثاني لا ينفك عن الموجود في الخارج إلّا بالاعتبار ، فإذا كان الوجود موجوداً فالماهية موجودة أيضاً ، كما أنه لو كانت الماهية موجودة كان الوجود موجوداً لا محالة. وهذا بخلاف الوجود الذهني والوجود الاعتباري ، فإنهما من الممكن أن يتعلقا بأمر سابق كموت زيد قبل شهر ، أو بأمر متأخر كطلوع الشمس غداً.
وإن كان التعبير بتعلق الوجود الذهني بالأمر السابق أو اللاحق لا يخلو من مسامحة ، باعتبار أنه إنما يتعلق بالصورة الذهنية وهي موجودة بالفعل ، غاية الأمر أن الصورة صورة لأمر متقدِّم أو متأخِّر ، لكنّه مع ذلك يعبر بما تقدّم ، فيقال إنّ العلم متعلِّق بمتقدِّم أو متأخِّر. وهذا بخلاف الاعتبار ، حيث إنه يتعلّق بالمتقدِّم أو المتأخِّر